كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

ب - وَإِمَّا بِتَعْيِينِ الْعَبْدِ، كَالصَّوْمِ الْمَنْذُورِ بِهِ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ (1) .
وَأَمَّا صَوْمُ الدَّيْنِ، فَمَا لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، كَصَوْمِ قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَصَوْمِ كَفَّارَةِ الْقَتْل وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ وَالإِْفْطَارِ فِي رَمَضَانَ، وَصَوْمِ مُتْعَةِ الْحَجِّ، وَصَوْمِ فِدْيَةِ الْحَلْقِ، وَصَوْمِ جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَصَوْمِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ عَنِ الْوَقْتِ، وَصَوْمِ الْيَمِينِ، بِأَنْ قَال: وَاللَّهِ لأََصُومَنَّ شَهْرًا (2) .

الصَّوْمُ الْمَفْرُوضُ:
يَنْقَسِمُ الصَّوْمُ الْمَفْرُوضُ مِنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، إِلَى قِسْمَيْنِ: مِنْهُ مَا هُوَ مُتَتَابِعٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ غَيْرُ مُتَتَابِعٍ، بَل صَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ تَابَعَ، وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ.

أَوَّلاً: مَا يَجِبُ فِيهِ التَّتَابُعُ، وَيَشْمَل مَا يَلِي:
9 - أ - صَوْمَ رَمَضَانَ، فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِصَوْمِ الشَّهْرِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (3) وَالشَّهْرُ مُتَتَابِعٌ، لِتَتَابُعِ أَيَّامِهِ، فَيَكُونُ صَوْمُهُ مُتَتَابِعًا ضَرُورَةً.
ب - صَوْمَ كَفَّارَةِ الْقَتْل الْخَطَأِ، وَصَوْمَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالصَّوْمَ الْمَنْذُورَ بِهِ فِي وَقْتٍ
__________
(1) بدائع الصنائع 2 / 75.
(2) نفس المرجع 2 / 76.
(3) سورة البقرة / 185.
بِعَيْنِهِ، وَصَوْمَ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَتَابُع) (1) .

ثَانِيًا: مَا لاَ يَجِبُ فِيهِ التَّتَابُعُ، وَيَشْمَل مَا يَلِي:
10 - أ - قَضَاءَ رَمَضَانَ، فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّتَابُعِ فِيهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (2) فَإِنَّهُ ذَكَرَ الصَّوْمَ مُطْلَقًا عَنِ التَّتَابُعِ.
وَيُرْوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ: عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَعَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: " إِنْ شَاءَ تَابَعَ، وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ وَلَوْ كَانَ التَّتَابُعُ شَرْطًا، لَمَا احْتَمَل الْخَفَاءَ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّحَابَةِ، وَلَمَا احْتَمَل مُخَالَفَتَهُمْ إِيَّاهُ (3) .
وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ هُوَ: نَدْبُ التَّتَابُعِ أَوِ اسْتِحْبَابُهُ لِلْمُسَارَعَةِ إِلَى إِسْقَاطِ الْفَرْضِ (4)
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ تَتَابُعَهُ لأَِنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ عَلَى حَسَبِ الأَْدَاءِ، وَالأَْدَاءُ وَجَبَ مُتَتَابِعًا، فَكَذَا الْقَضَاءُ.
ب - الصَّوْمَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَفِي تَتَابُعِهِ خِلاَفٌ، وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَتَابُع) .
__________
(1) انظر الموسوعة الفقهية (جـ 10 / ف 3، 4) .
(2) سورة البقرة / 184، وانظر أحكام القرآن للجصاص جـ 1 ص 208.
(3) البدائع 2 / 76، وانظر القوانين الفقهية: 82.
(4) جواهر الإكليل 1 / 146، وحاشية القليوبي على شرح المحلي على المنهاج (2 / 64 ط: دار إحياء الكتب العربية، لعيسى البابي الحلبي) والروض المربع (1 / 144 ط: دار الكتب العلمية، بيروت) . وتبيين الحقائق 1 / 336.

الصفحة 10