كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

ج - صَوْمَ الْمُتْعَةِ فِي الْحَجِّ، وَصَوْمَ كَفَّارَةِ الْحَلْقِ، وَصَوْمَ جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَصَوْمَ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَصَوْمَ الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ. قَال اللَّهُ - عَزَّ وَجَل - فِي صَوْمِ الْمُتْعَةِ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} (1) . . .
وَقَال فِي كَفَّارَةِ الْحَلْقِ: {وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (2) . . . .
وَقَال فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ: {أَوْ عَدْل ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَال أَمْرِهِ} (3) فَذَكَرَ الصَّوْمَ فِي هَذِهِ الآْيَاتِ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ التَّتَابُعِ (4) .
وَكَذَا: النَّاذِرُ، وَالْحَالِفُ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَالْيَمِينُ الْمُطْلَقَةُ، ذَكَرَ الصَّوْمَ فِيهَا مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ التَّتَابُعِ.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (نَذْر، وَأَيْمَان) .

الصَّوْمُ الْمُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِهِ، وَيَشْمَل مَا يَلِي:
الأَْوَّل وَهُوَ: قَضَاءُ مَا أَفْسَدَهُ مِنْ صَوْمِ النَّفْل
__________
(1) سورة البقرة / 196.
(2) سورة البقرة / 196.
(3) سورة المائدة / 95.
(4) البدائع 2 / 76، وانظر حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح / 350، وجواهر الإكليل 1 / 146.
11 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ قَضَاءَ نَفْل الصَّوْمِ إِذَا أَفْسَدَهُ وَاجِبٌ، وَاسْتَدَل لَهُ الْحَنَفِيَّةُ: بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ، فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ. فَجَاءَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَرَتْنِي إِلَيْهِ حَفْصَةُ - وَكَانَتِ ابْنَةَ أَبِيهَا - فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا صَائِمَتَيْنِ فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ، قَال: اقْضِيَا يَوْمًا آخَرَ مَكَانَهُ (1) .
وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ خَرَجَ يَوْمًا عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَال: " إِنِّي أَصْبَحْتُ صَائِمًا، فَمَرَّتْ بِي جَارِيَةٌ لِي، فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا، فَمَا تَرَوْنَ؟ فَقَال عَلِيٌّ: أَصَبْتَ حَلاَلاً، وَتَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ، كَمَا قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَال عُمَرُ: أَنْتَ أَحْسَنُهُمْ فُتْيَا (2) .
وَلأَِنَّ مَا أَتَى بِهِ قُرْبَةً، فَيَجِبُ صِيَانَتُهُ وَحِفْظُهُ عَنِ الْبُطْلاَنِ، وَقَضَاؤُهُ عِنْدَ الإِْفْسَادِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (3) وَلاَ يُمْكِنُ ذَلِكَ إِلاَّ بِإِتْيَانِ الْبَاقِي، فَيَجِبُ إِتْمَامُهُ وَقَضَاؤُهُ عِنْدَ الإِْفْسَادِ ضَرُورَةً، فَصَارَ كَالْحَجِّ
__________
(1) حديث عائشة: " كنت أنا وحفصة صائمتين. . . ". أخرجه الترمذي 3 / 103، وصوب إرساله.
(2) تبيين الحقائق 1 / 338.
(3) سورة محمد / 33.

الصفحة 11