كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

صَوْمِهِ، إِلاَّ أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، فَكَانَ الاِحْتِيَاطُ فِي أَنْ يَضُمَّ إِلَيْهِ يَوْمًا آخَرَ (1) .
قَال الشَّوْكَانِيُّ: فَمُطْلَقُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِهِ مُقَيَّدٌ بِالإِْفْرَادِ (2) .
وَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ بِضَمِّ يَوْمٍ آخَرَ إِلَيْهِ، لِحَدِيثِ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَل عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَال: أَصُمْتِ أَمْسِ؟ قَالَتْ: لاَ. قَال: تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟ قَالَتْ: لاَ. قَال: فَأَفْطِرِي (3) .

ب - صَوْمُ يَوْمِ السَّبْتِ وَحْدَهُ خُصُوصًا:
15 - وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ (4) ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ أُخْتِهِ، وَاسْمُهَا الصَّمَّاءُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلاَّ فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ (5) .
وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ، فَفِي إِفْرَادِهِ بِالصَّوْمِ تَشَبُّهٌ بِهِمْ، إِلاَّ أَنْ يُوَافِقَ صَوْمُهُ
__________
(1) المصدران السابقات في الموضع نفسه.
(2) نيل الأوطار 4 / 250، 251.
(3) حديث جويرية: " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 232 ط. السلفية) .
(4) مراقي الفلاح 351 والقوانين الفقهية 78، وروضة الطالبين 2 / 387، وكشاف القناع 2 / 341.
(5) حديث أخت عبد الله بن بسر: " لا تصوموا يوم السبت. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 111) وحسنه.
بِخُصُوصِهِ يَوْمًا اعْتَادَ صَوْمَهُ، كَيَوْمِ عَرَفَةَ أَوْ عَاشُورَاءَ (1) .

ج - صَوْمُ يَوْمِ الأَْحَدِ بِخُصُوصِهِ:
16 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَعَمُّدَ صَوْمِ يَوْمِ الأَْحَدِ بِخُصُوصِهِ مَكْرُوهٌ، إِلاَّ إِذَا وَافَقَ يَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ صَوْمَ السَّبْتِ وَالأَْحَدِ مَعًا لَيْسَ فِيهِ تَشَبُّهٌ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، لأَِنَّهُ لَمْ تَتَّفِقْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَى تَعْظِيمِهِمَا، كَمَا لَوْ صَامَ الأَْحَدَ مَعَ الاِثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ تَزُول الْكَرَاهَةُ (2) ، وَيُسْتَظْهَرُ مِنْ نَصِّ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ صِيَامُ كُل عِيدٍ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوْ يَوْمٍ يُفْرِدُونَهُ بِالتَّعْظِيمِ إِلاَّ أَنْ يُوَافِقَ عَادَةً لِلصَّائِمِ.

د - إِفْرَادُ يَوْمِ النَّيْرُوزِ بِالصَّوْمِ:
17 - يُكْرَهُ إِفْرَادُ يَوْمِ النَّيْرُوزِ، وَيَوْمِ الْمِهْرَجَانِ بِالصَّوْمِ (3) ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُمَا يَوْمَانِ يُعَظِّمُهُمَا الْكُفَّارُ، وَهُمَا عِيدَانِ لِلْفُرْسِ، فَيَكُونُ تَخْصِيصُهُمَا بِالصَّوْمِ - دُونَ غَيْرِهِمَا - مُوَافَقَةً لَهُمْ فِي تَعْظِيمِهِمَا، فَكُرِهَ، كَيَوْمِ السَّبْتِ.
وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا كُل عِيدٍ لِلْكُفَّارِ، أَوْ يَوْمٍ
__________
(1) انظر كشاف القناع 2 / 341، والمغني 2 / 99.
(2) رد المحتار 2 / 84، وانظر الإقناع وحاشية البجيرمي عليه 2 / 352، وكشاف القناع 2 / 341.
(3) النيروز يوم في طرف الربيع، والمهرجان يوم في طرف الخريف انظر (مراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه 351) .

الصفحة 15