كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

يُفْرِدُونَهُ بِالتَّعْظِيمِ (1) وَنَصَّ ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا قَصَدَ بِصَوْمِهِ التَّشَبُّهَ، كَانَتِ الْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةً (2) .

هـ - صَوْمُ الْوِصَال:
18 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ) إِلَى كَرَاهَةِ صَوْمِ الْوِصَال، وَهُوَ: أَنْ لاَ يُفْطِرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَصْلاً، حَتَّى يَتَّصِل صَوْمُ الْغَدِ بِالأَْمْسِ، فَلاَ يُفْطِرُ بَيْنَ يَوْمَيْنِ، وَفَسَّرَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنْ يَصُومَ السَّنَةَ وَلاَ يُفْطِرَ فِي الأَْيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ (3) .
وَإِنَّمَا كُرِهَ، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَال: وَاصَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، فَوَاصَل النَّاسُ. . فَنَهَاهُمْ، قِيل لَهُ: إِنَّكَ تُوَاصِل، قَال: إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى (4) .
وَالنَّهْيُ وَقَعَ رِفْقًا وَرَحْمَةً، وَلِهَذَا وَاصَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَتَزُول الْكَرَاهَةُ بِأَكْل تَمْرَةٍ وَنَحْوِهَا، وَكَذَا بِمُجَرَّدِ الشُّرْبِ لاِنْتِفَاءِ الْوِصَال.
وَلاَ يُكْرَهُ الْوِصَال إِلَى السَّحَرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
__________
(1) المغني 2 / 99، والروض المربع 1 / 146.
(2) رد المحتار 2 / 84.
(3) نفس المرجع.
(4) حديث ابن عمر: " واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 202 ط. السلفية) ومسلم (2 / 774) واللفظ لمسلم.
- مَرْفُوعًا: فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِل، فَلْيُوَاصِل حَتَّى السَّحَرِ (1) وَلَكِنَّهُ تَرَكَ سُنَّةً، وَهِيَ تَعْجِيل الْفِطْرِ، فَتَرْكُ ذَلِكَ أَوْلَى مُحَافَظَةً عَلَى السُّنَّةِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلاَنِ: الأَْوَّل وَهُوَ الصَّحِيحُ: بِأَنَّ الْوِصَال مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالثَّانِي: يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (2) .

و صَوْمُ الدَّهْرِ (صَوْمُ الْعُمُرِ) :
19 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ) عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ إِلَى كَرَاهَةِ صَوْمِ الدَّهْرِ، وَعُلِّلَتِ الْكَرَاهَةُ بِأَنَّهُ يُضْعِفُ الصَّائِمَ عَنِ الْفَرَائِصِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْكَسْبِ الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ، أَوْ بِأَنَّهُ يَصِيرُ الصَّوْمُ طَبْعًا لَهُ، وَمَبْنَى الْعِبَادَةِ عَلَى مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ (3) .
وَاسْتَدَل لِلْكَرَاهَةِ، بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأَْبَدَ (4) .
__________
(1) حديث أبي سعيد الخدري: " فأيكم إذا أراد أن يواصل. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 202 ط. السلفية) .
(2) مراقي الفلاح ص 351، وشرح الخرشي 2 / 243، وكشاف القناع 2 / 342، وروضة الطالبين 2 / 368.
(3) مراقي الفلاح ص (351) والدر المختار ورد المحتار 2 / 84، والقوانين الفقهية ص 78، وكشاف القناع 2 / 338.
(4) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: " لا صام من صام الأبد ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 221 ط. السلفية) ومسلم (2 / 815 ط. الحلبي) .

الصفحة 16