كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

الْكَفَّارَةِ، بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى غَيْرِهِ (1) .

23 - وَإِنْ رَأَى هِلاَل شَوَّالٍ وَحْدَهُ، لَمْ يُفْطِرْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، خَوْفَ التُّهْمَةِ وَسَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، وَقِيل: يُفْطِرُ إِنْ خَفِيَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَال أَشْهَبُ: يَنْوِي الْفِطْرَ بِقَلْبِهِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَوْل الْجُمْهُورِ الَّذِينَ مِنْهُمُ الْمَالِكِيَّةُ - إِنْ أَفْطَرَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ عُثِرَ عَلَيْهِ عُوقِبَ إِنِ اتُّهِمَ، وَلاَ كَفَّارَةَ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، لِشُبْهَةِ الرَّدِّ (2) .
وَقَال الشَّافِعِيُّ: لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، لأَِنَّهُ تَيَقَّنَ مِنْ شَوَّالٍ، فَجَازَ لَهُ الأَْكْل كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ، لَكِنْ يُفْطِرُ سِرًّا، بِحَيْثُ لاَ يَرَاهُ أَحَدٌ، لأَِنَّهُ إِذَا أَظْهَرَ الْفِطْرَ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهْمَةِ، وَعُقُوبَةِ السُّلْطَانِ (3) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ أَفْطَرَ مَنْ رَأَى الْهِلاَل وَحْدَهُ فِي الْوَقْتَيْنِ: رَمَضَانَ وَشَوَّالٍ قَضَى وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ فِي رَمَضَانَ، صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا، وَلَوْ كَانَ فِطْرُهُ قَبْلَمَا رَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ الرَّاجِحِ، لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ، لأَِنَّ مَا رَآهُ يَحْتَمِل أَنْ
__________
(1) القوانين الفقهية ص 79، وجواهر الإكليل 1 / 144 و 145.
(2) مراقي الفلاح ص 357، والدر المختار 2 / 90، والمغني 3 / 11، والقوانين الفقهية ص 79.
(3) المجموع 6 / 276، والمغني والشرح الكبير 3 / 11.
يَكُونَ خَيَالاً، لاَ هِلاَلاً - كَمَا يَقُول الْحَصْكَفِيُّ -
وَقِيل: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِيهِمَا - أَيْ فِي الْفِطْرِ وَفِي رَمَضَانَ - وَذَلِكَ لِلظَّاهِرِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْفِطْرِ، وَلِلْحَقِيقَةِ الَّتِي عِنْدَهُ فِي رَمَضَانَ (1) .

رُكْنُ الصَّوْمِ:
24 - رُكْنُ الصَّوْمِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: الإِْمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ (2) ، وَذَلِكَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ، حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ.
وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَْبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَْسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل} (3) .
وَالْمُرَادُ مِنَ النَّصِّ: بَيَاضُ النَّهَارِ وَظُلْمَةُ اللَّيْل، لاَ حَقِيقَةُ الْخَيْطَيْنِ، فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنَ الْمُفْطِرَاتِ لَيَالِيَ الصِّيَامِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالإِْمْسَاكِ عَنْهُنَّ فِي النَّهَارِ، فَدَل عَلَى أَنَّ حَقِيقَةَ الصَّوْمِ وَقِوَامَهُ هُوَ ذَلِكَ الإِْمْسَاكُ (4) .

شُرُوطُ وُجُوبِ الصَّوْمِ:
25 - شُرُوطُ وُجُوبِ الصَّوْمِ، أَيِ: اشْتِغَال
__________
(1) مراقي الفلاح ص 357، والدر المختار ورد المحتار 2 / 90.
(2) مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح ص 349، والبدائع 2 / 90، والشرح الكبير للدردير 1 / 509، والقوانين الفقهية ص 78، وشرح المنهج بحاشية الجمل 2 / 310، وشرح المحلي وحاشية القليوبي عليه 2 / 52، والمغني والشرح الكبير 3 / 3.
(3) سورة البقرة / 187.
(4) تحفة الفقهاء للسمرقندي 1 / 537 و 538، والبدائع 2 / 90.

الصفحة 19