كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

مِنَ الْمُعِيرِ بَعْدَ الطَّلَبِ، عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ مَا يُغَابُ وَمَا لاَ يُغَابُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (1) .

ج - الْمَوْتُ عَنْ تَجْهِيلٍ:
69 - مَعْنَى التَّجْهِيل: أَنْ لاَ يُبَيِّنَ حَال الأَْمَانَةِ الَّتِي عِنْدَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ لاَ يَعْلَمُ حَالَهَا، كَذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ (2) ، فَالْوَدِيعُ إِذَا مَاتَ مُجْهِلاً حَال الْوَدِيعَةِ الَّتِي عِنْدَهُ، وَوَارِثَهُ لاَ يَعْلَمُ حَالَهَا، يَضْمَنُهَا بِذَلِكَ.
وَمَعْنَى ضَمَانِهَا - كَمَا يَقُول ابْنُ نُجَيْمٍ - صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ (3) .
وَكَذَلِكَ نَاظِرُ الْوَقْفِ، إِذَا مَاتَ مُجْهِلاً لِحَال بَدَل الْوَقْفِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ.
وَكَذَا كُل شَيْءٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ يَصِيرُ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ (4) .
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الإِْيصَاءِ فِي الْوَدِيعَةِ يَسْتَوْجِبُ الضَّمَانَ، وَقَالُوا: إِذَا مَرِضَ الْمُودَعُ مَرَضًا مَخُوفًا، أَوْ حُبِسَ لِيُقْتَل لَزِمَهُ أَنْ يُوصِيَ، فَإِنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ،
__________
(1) مجمع الضمانات (55 و 56) والدر المختار 4 / 503 وما بعدها، والقوانين الفقهية (245 و 246) وشرح المنهج وحاشية الجمل 3 / 458 و 459 والمغني بالشرح الكبير 5 / 355 و 358.
(2) الأشباه والنظائر لابن نجيم (273) ، وانظر مجمع الضمانات ص 87.
(3) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 274.
(4) مجمع الضمانات ص 88 وانظر الأمثلة الفرعية في الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي 3 / 425 و 426، والأشباه والنظائر لابن نجيم (273) .
لأَِنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ، لأَِنَّ الْوَارِثَ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْعَيْنِ، وَلاَ بُدَّ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ بَيَانِ الْوَدِيعَةِ، حَتَّى لَوْ قَال: عِنْدِي لِفُلاَنٍ ثَوْبٌ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ، ضَمِنَ لِعَدَمِ بَيَانِهِ (1) . (ر: تَجْهِيل) .

د - الشَّرْطُ:
70 - لاَ أَثَرَ لِلشَّرْطِ فِي صِفَةِ الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ عِنْدَ الأَْكْثَرِينَ.
قَال الْبَغْدَادِيُّ: اشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بَاطِلٌ، وَقِيل: تَصِيرُ مَضْمُونَةً (2) .
وَقَال التُّمُرْتَاشِيُّ: وَاشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الأَْمِينِ بَاطِلٌ، بِهِ يُفْتَى (3) ، فَلَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ضَمَانَ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ.
وَلَوْ شَرَطَ الْمُودَعُ عَلَى الْوَدِيعِ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَلاَ ضَمَانَ لَوْ تَلِفَتْ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الأَْمَانَاتِ (4) .
وَعَلَّلَهُ الْمَالِكِيَّةُ، بِأَنَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إِخْرَاجِهَا عَنْ حَقِيقَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ (5) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لأَِنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَلَوْ قَال الْوَدِيعُ: أَنَا ضَامِنٌ لَهَا لَمْ
__________
(1) كفاية الأخيار للحصني 2 / 8 (ط: دار المعرفة في بيروت) .
(2) مجمع الضمانات (55) .
(3) الدر المختار 4 / 494.
(4) مجمع الضمانات (55) .
(5) الشرح الكبير للدردير 3 / 423.

الصفحة 260