كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ، بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (1) .
وَتَجِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فِي مَال الْعَاقِلَةِ خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ أَوْجَبُوهَا فِي مَال الْجَانِي.
وَلاَ كَفَّارَةَ فِيهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِنَّمَا تُنْدَبُ، وَأَوْجَبَهَا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لأَِنَّ الْجَنِينَ آدَمِيٌّ مَعْصُومٌ، وَإِذَا لَمْ تُوجَدِ الرَّقَبَةُ، انْتَقَلَتِ الْعُقُوبَةُ إِلَى بَدَلِهَا مَالاً، وَهُوَ: نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الرَّجُل، وَعُشْرُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ (2) .
(ر: جَنِين، غُرَّة) .
ضَمَانُ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ بِالأَْمْوَال:
89 - تَتَمَثَّل الأَْفْعَال الضَّارَّةُ بِالأَْمْوَال فِي الإِْتْلاَفَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَالْغُصُوبِ، وَنَحْوِهَا.
وَلِضَمَانِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ، أَحْكَامٌ عَامَّةٌ، وَأَحْكَامٌ خَاصَّةٌ:
__________
(1) حديث أبي هريرة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة ". أخرجه البخاري (12 / 252) ومسلم (3 / 1309) .
(2) بدائع الصنائع 7 / 326 و 327، والدر المختار ورد المحتار 5 / 377 و 378، والقوانين الفقهية (228) وبداية المجتهد 2 / 508، 509 وجواهر الإكليل 2 / 266 و 272، وشرح ابن أبي زيد القيرواني بحاشية العدوي 2 / 286، وشرح المنهج بحاشية الجمل 5 / 99 وما بعدها، وشرح المحلي بحاشية القليوبي 4 / 159 وما بعدها. والمغني بالشرح الكبير 9 / 550 وما بعدها.
أَوَّلاً: الأَْحْكَامُ الْعَامَّةُ فِي ضَمَانِ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ بِالأَْمْوَال:
90 - تَقُومُ فِكْرَةُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الضَّمَانِ - خِلاَفًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي ضَمَانِ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ بِالأَْنْفُسِ - عَلَى مَبْدَأِ جَبْرِ الضَّرَرِ الْمَادِّيِّ الْحَائِقِ بِالآْخَرِينَ، أَمَّا فِي تِلْكَ فَهُوَ قَائِمٌ عَلَى مَبْدَأِ زَجْرِ الْجُنَاةِ، وَرَدْعِ غَيْرِهِمْ.
وَالتَّعْبِيرُ بِالضَّمَانِ عَنْ جَبْرِ الضَّرَرِ وَإِزَالَتِهِ، هُوَ التَّعْبِيرُ الشَّائِعُ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ، وَعَبَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالتَّعْوِيضِ، كَمَا فَعَل ابْنُ عَابِدِينَ (1) .
وَتَوَسَّعَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا النَّوْعِ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانِ وَتَفْصِيل أَحْكَامِهِ، حَتَّى أَفْرَدَهُ الْبَغْدَادِيُّ بِالتَّصْنِيفِ فِي كِتَابِهِ: (مَجْمَعِ الضَّمَانَاتِ) .
وَمِنْ أَهَمِّ قَوَاعِدِ الضَّمَانِ قَاعِدَةُ: " الضَّرَرُ يُزَال ". وَإِزَالَةُ الضَّرَرِ الْوَاقِعِ عَلَى الأَْمْوَال يَتَحَقَّقُ بِالتَّعْوِيضِ الَّذِي يُجْبَرُ فِيهِ الضَّرَرُ.
وَقَدْ عَرَّفَ الْفُقَهَاءُ الضَّمَانَ بِهَذَا الْمَعْنَى، بِأَنَّهُ: رَدُّ مِثْل الْهَالِكِ أَوْ قِيمَتِهِ (2) .
وَعَرَّفَهُ الشَّوْكَانِيُّ بِأَنَّهُ: عِبَارَةٌ عَنْ غَرَامَةِ التَّالِفِ (3) .
__________
(1) مجموعة رسائل ابن عابدين 2 / 177 (ط: الآستانة) .
(2) غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر للحموي 4 / 6.
(3) نيل الأوطار 5 / 299 في شرح أحاديث الوديعة والأمانة وضمان اليد، نقلا عن ضوء النهار.
الصفحة 268