كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

طُلُوعِ الْفَجْرِ
- صَحَّ رُجُوعُهُ وَلاَ يَصِيرُ صَائِمًا، وَلَوْ أَفْطَرَ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ إِلاَّ الْقَضَاءُ، بِانْقِطَاعِ النِّيَّةِ بِالرُّجُوعِ، فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ، لِشُبْهَةِ خِلاَفِ مَنِ اشْتَرَطَ التَّبْيِيتَ، إِلاَّ إِذَا جَدَّدَ النِّيَّةَ، بِأَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ، تَحْصِيلاً لَهَا، لأَِنَّ الأُْولَى غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، بِسَبَبِ الرُّجُوعِ عَنْهَا (1) .
وَلاَ تَبْطُل النِّيَّةُ بِقَوْلِهِ: أَصُومُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لأَِنَّهُ بِمَعْنَى الاِسْتِعَانَةِ، وَطَلَبِ التَّوْفِيقِ وَالتَّيْسِيرِ. وَالْمَشِيئَةُ إِنَّمَا تُبْطِل اللَّفْظَ، وَالنِّيَّةُ فِعْل الْقَلْبِ.
قَال الْبُهُوتِيُّ: وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ لاَ تَبْطُل بِذِكْرِ الْمَشِيئَةِ فِي نِيَّتِهَا (2) .
وَلاَ تَبْطُل النِّيَّةُ بِأَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ أَوْ جِمَاعِهِ بَعْدَهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، حُكِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بُطْلاَنُهَا، وَلَوْ رَجَعَ عَنْ نِيَّتِهِ قَبْل طُلُوعِ الْفَجْرِ صَحَّ رُجُوعُهُ (3) .
وَلَوْ نَوَى الإِْفْطَارَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يُفْطِرُ، كَمَا لَوْ نَوَى التَّكَلُّمَ فِي صَلاَتِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، قَال
__________
(1) مراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه ص 354، حاشية الدسوقي 1 / 528، الزرقاني 2 / 207، المجموع 6 / 299، كشاف القناع 2 / 316.
(2) مراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه ص 354، وكشاف القناع 2 / 316، وانظر المجموع 6 / 398.
(3) راجع الفتاوى الهندية 1 / 195، وروضة الطالبين 2 / 352.
الْبَيْجُورِيُّ: وَيَضُرُّ رَفْضُ النِّيَّةِ لَيْلاً، وَلاَ يَضُرُّ نَهَارًا (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُفْطِرُ، لأَِنَّهُ قَطَعَ نِيَّةَ الصَّوْمِ بِنِيَّةِ الإِْفْطَارِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا ابْتِدَاءً (2) .

الإِْغْمَاءُ وَالْجُنُونُ وَالسُّكْرُ بَعْدَ النِّيَّةِ:
34 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا نَوَى الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْل، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ إِغْمَاءٌ أَوْ جُنُونٌ أَوْ سُكْرٌ:
فَإِنْ لَمْ يُفِقْ إِلاَّ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِهِ، لأَِنَّ الصَّوْمَ هُوَ الإِْمْسَاكُ مَعَ النِّيَّةِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَال اللَّهُ: كُل عَمَل ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي (3) فَأَضَافَ تَرْكَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ فَلاَ يُضَافُ الإِْمْسَاكُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى صِحَّةِ صَوْمِهِ، لأَِنَّ نِيَّتَهُ قَدْ صَحَّتْ، وَزَوَال الاِسْتِشْعَارِ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ، كَالنَّوْمِ.
__________
(1) الدر المختار 2 / 123، ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه ص 361، وحاشية البيجوري 1 / 300.
(2) القوانين الفقهية ص 80، وانظر كشاف القناع 2 / 316.
(3) حديث: " قال الله: كل عمل ابن آدم له. . . ". أخرجه البخاري (الفتح / 118 ط. السلفية) ومسلم (2 / 807 ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.

الصفحة 27