كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
فَيَضْمَنُ فَضْل مَا بَيْنَهُمَا (1) .
وَالضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْحَال مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْهَدْمُ لِلضَّرُورَةِ، كَمَنْعِ سَرَيَانِ الْحَرِيقِ، بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلاَ ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، ضَمِنَ الْهَادِمُ قِيمَتَهَا مُعَرَّضَةً لِلْحَرِيقِ.
ج - الْبِنَاءُ عَلَى الأَْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ أَوِ الْغَرْسُ فِيهَا:
97 - إِذَا غَرَسَ شَخْصٌ شَجَرًا، أَوْ أَقَامَ بِنَاءً عَلَى أَرْضٍ غَصَبَهَا، فَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَلْعِ الشَّجَرِ، وَهَدْمِ الْبِنَاءِ، وَتَفْرِيغِ الأَْرْضِ مِنْ كُل مَا أَنْشَأَ فِيهَا، وَإِعَادَتِهَا كَمَا كَانَتْ.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ نَعْلَمُ فِيهِ خِلاَفًا (3) وَذَلِكَ: لِحَدِيثِ " عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرَقِ ظَالِمٍ حَقٌّ، قَال: فَلَقَدْ أَخْبَرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ، {أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلاً فِي أَرْضِ الآْخَرِ، فَقَضَى لِصَاحِبِ الأَْرْضِ بِأَرْضِهِ وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْل أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا، قَال:
__________
(1) حاشية الحموي على الأشباه والنظائر لابن نجيم، غمز عيون البصائر 3 / 208 ورد المحتار 5 / 115.
(2) مجمع الأنهر 2 / 462.
(3) المغني بالشرح الكبير 5 / 379.
فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا، وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بِالْفُؤُوسِ، وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عَمٌّ (1) أَيْ طَوِيلَةٌ (2) .
وَلأَِنَّهُ شَغَل مِلْكَ غَيْرِهِ، فَيُؤْمَرُ بِتَفْرِيغِهِ، دَفْعًا لِلظُّلْمِ، وَرَدًّا لِلْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ (3) .
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: عَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهَا إِنْ كَانَ، وَتَسْوِيَتُهَا، لأَِنَّهُ ضَرَرٌ حَصَل بِفِعْلِهِ، مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْل إِلَى وَقْتِ التَّسْلِيمِ (4) .
وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: وَلِلْغَاصِبِ قَلْعُهُمَا قَهْرًا عَلَى الْمَالِكِ، وَلاَ يَلْزَمُهُ إِجَابَةُ الْمَالِكِ لَوْ طَلَبَ الإِْبْقَاءَ بِالأَْجْرِ، أَوِ التَّمَلُّكَ بِالْقِيمَةِ، وَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُمَا جَبْرًا عَلَى الْغَاصِبِ، بِلاَ أَرْشٍ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِمَا عَلَيْهِ (5) .
وَالْمَالِكِيَّةُ خَيَّرُوا الْمَالِكَ بَيْنَ قَلْعِ الشَّجَرِ وَهَدْمِ الْبِنَاءِ، وَبَيْنَ تَرْكِهِمَا، عَلَى أَنْ يُعْطَى الْمَالِكُ الْغَاصِبُ، قِيمَةَ أَنْقَاضِ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ، مَقْلُوعًا، بَعْدَ طَرْحِ أُجْرَةِ النَّقْضِ وَالْقَلْعِ، لَكِنَّهُمْ قَيَّدُوا قَلْعَ الزَّرْعِ بِمَا إِذَا لَمْ يَفُتْ، أَيْ لَمْ يَمْضِ وَقْتٌ مَا تُرَادُ الأَْرْضُ لَهُ فَلَهُ عِنْدَئِذٍ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا مَطْرُوحًا مِنْهُ أُجْرَةُ
__________
(1) حديث: عروة بن الزبير: من أحيا أرضا ميتة فهي له. أخرجه أبو داود (3 / 454 - 455) وفي إسناده انقطاع.
(2) بفتح العين من (عم) وضمها، جمع عميمة. كما في نيل الأوطار 5 / 321.
(3) الاختيار 3 / 63، والمغني بالشرح الكبير 5 / 380.
(4) شرح المحلي على المنهاج 3 / 39، والروض المربع 2 / 249، والمغني بالشرح الكبير 5 / 378.
(5) حاشية القليوبي على شرح المحلي 3 / 39، والمغني 5 / 379 و 380، والروض المربع 2 / 249.
الصفحة 274