كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

كَالثَّوْبِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ فَاتَ الْجَمِيعُ لَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ، فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَجَبَ قَدْرُهُ مِنَ الْقِيمَةِ، كَغَيْرِ الْحَيَوَانِ (1) .

ضَمَانُ الشَّخْصِ الضَّرَرَ النَّاشِئَ عَنْ فِعْل غَيْرِهِ وَمَا يَلْتَحِقُ بِهِ:
99 - الأَْصْل أَنَّ الشَّخْصَ مَسْئُولٌ عَنْ ضَمَانِ الضَّرَرِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْ فِعْلِهِ لاَ عَنْ فِعْل غَيْرِهِ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الأَْصْل ضَمَانَ أَفْعَال الْقُصَّرِ الْخَاضِعِينَ لِرَقَابَتِهِ، وَضَمَانَ أَفْعَال تَابِعِيهِ: كَالْخَدَمِ وَالْعُمَّال وَكَالْمُوَظِّفِينَ، وَضَمَانَ مَا يُفْسِدُهُ الْحَيَوَانُ، وَضَمَانَ الضَّرَرِ الْحَادِثِ بِسَبَبِ سُقُوطِ الأَْبْنِيَةِ، وَضَمَانَ التَّلَفِ الْحَادِثِ بِالأَْشْيَاءِ الأُْخْرَى، وَتَفْصِيلُهُ فِيمَا يَلِي:

أَوَّلاً: ضَمَانُ الإِْنْسَانِ لأَِفْعَال الأَْشْخَاصِ الْخَاضِعِينَ لِرَقَابَتِهِ:
100 - وَيَتَمَثَّل هَذَا النَّوْعُ مِنَ الضَّمَانِ، فِي الأَْفْعَال الضَّارَّةِ، الصَّادِرَةِ مِنَ الصِّغَارِ الْقُصَّرِ، الَّذِينَ هُمْ فِي وِلاَيَةِ الأَْبِ وَالْوَصِيِّ، وَالتَّلاَمِيذِ حِينَمَا يَكُونُونَ فِي الْمَدْرَسَةِ، تَحْتَ رَقَابَةِ النَّاظِرِ وَالْمُعَلِّمِ، أَوْ فِي رِعَايَةِ أَيِّ رَقِيبٍ عَلَيْهِمْ وَهُمْ صِغَارٌ، وَمِثْلُهُمْ الْمَجَانِينُ وَالْمَعَاتِيهُ.
وَلَمَّا كَانَ الأَْصْل الْمُقَرَّرُ فِي الشَّرِيعَةِ، كَمَا
__________
(1) المغني بالشرح الكبير 5 / 387.
تَقَدَّمَ آنِفًا، هُوَ ضَمَانُ الإِْنْسَانِ لأَِفْعَالِهِ كُلِّهَا، دُونَ تَحَمُّل غَيْرِهِ عَنْهُ لِشَيْءٍ مِنْ تَبَعَاتِهَا، مَهْمَا كَانَ مِنَ الأَْمْرِ (1) .
فَقَدْ طَرَدَ الْفُقَهَاءُ قَاعِدَةَ تَضْمِينِ الصِّغَارِ، وَأَوْجَبُوا عَلَيْهِمُ الضَّمَانَ فِي مَالِهِمْ، وَلَمْ يُوجِبُوا عَلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَالأَْوْصِيَاءِ عَلَيْهِمْ ضَمَانَ مَا أَتْلَفُوهُ، إِلاَّ فِي أَحْوَالٍ مُسْتَثْنَاةٍ، مِنْهَا:
أ - إِذَا كَانَ إِتْلاَفُ الصِّغَارِ لِلْمَال، نَاشِئًا مِنْ تَقْصِيرِ الأَْوْلِيَاءِ وَنَحْوِهِمْ، فِي حِفْظِهِمْ، كَمَا لَوْ دَفَعَ إِلَى صَبِيٍّ سِكِّينًا لِيُمْسِكَهُ لَهُ، فَوَقَعَ السِّكِّينُ مِنْ يَدِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ، أَوْ عَثَرَ بِهِ، فَإِنَّ الدَّافِعَ يَضْمَنُ (2) .
ب - إِذَا كَانَ بِسَبَبِ إِغْرَاءِ الآْبَاءِ وَالأَْوْصِيَاءِ الصِّغَارِ بِإِتْلاَفِ الْمَال، كَمَا لَوْ أَمَرَ الأَْبُ ابْنَهُ بِإِتْلاَفِ مَالٍ أَوْ إِيقَادِ نَارٍ، فَأَوْقَدَهَا، وَتَعَدَّتْ النَّارُ إِلَى أَرْضِ جَارِهِ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، يَضْمَنُ الأَْبُ، لأَِنَّ الأَْمْرَ صَحَّ، فَانْتَقَل الْفِعْل إِلَيْهِ، كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ الأَْبُ (3) .
فَلَوْ أَمَرَ أَجْنَبِيٌّ صَبِيًّا بِإِتْلاَفِ مَال آخَرَ، ضَمِنَ الصَّبِيُّ، ثُمَّ رَجَعَ عَلَى آمِرِهِ (4) .
ج - إِذَا كَانَ بِسَبَبِ تَسْلِيطِهِمْ عَلَى الْمَال، كَمَا
__________
(1) تغيير التنقيح لابن كمال باشا (257) ط: (الآستانة: 1308 هـ) . والتوضيح مع التلويح 2 / 163.
(2) يؤخذ من جامع الفصولين 2 / 81.
(3) الدر المختار ورد المحتار بتصرف 5 / 136.
(4) جامع الفصولين 2 / 80.

الصفحة 276