كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
لَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا وَدِيعَةً بِلاَ إِذْنِ وَلِيِّهِ فَأَتْلَفَهَا، لَمْ يَضْمَنِ الصَّبِيُّ، وَكَذَا إِذَا أَتْلَفَ مَا أُعِيرَ لَهُ، وَمَا اقْتَرَضَهُ وَمَا بِيعَ مِنْهُ بِلاَ إِذْنٍ، لِلتَّسْلِيطِ مِنْ مَالِكِهَا (1) .
ثَانِيًا: ضَمَانُ الشَّخْصِ لأَِفْعَال التَّابِعِينَ لَهُ:
101 - وَيَتَمَثَّل هَذَا فِي الْخَادِمِ فِي الْمَنْزِل، وَالطَّاهِي فِي الْمَطْعَمِ، وَالْمُسْتَخْدَمِ فِي الْمَحَل، وَالْعَامِل فِي الْمَصْنَعِ، وَالْمُوَظَّفِ فِي الْحُكُومَةِ، وَفِي سَائِقِ السَّيَّارَةِ لِمَالِكِهَا كُلٌّ فِي دَائِرَةِ عَمَلِهِ.
وَالْعَلاَقَةُ هُنَا عَقَدِيَّةٌ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الرَّقَابَةِ عَلَى عَدِيمِي التَّمْيِيزِ: هِيَ: دِينِيَّةٌ أَوْ أَدَبِيَّةٌ.
وَالْفُقَهَاءُ بَحَثُوا هَذَا فِي بَابِ الإِْجَارَةِ، فِي أَحْكَامِ الأَْجِيرِ الْخَاصِّ، وَفِي تِلْمِيذِ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي يَعْمَل لِوَاحِدٍ عَمَلاً مُؤَقَّتًا بِالتَّخْصِيصِ، وَيَسْتَحِقُّ أَجْرَهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَل.
وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُوَ مَنْفَعَتُهُ، وَلاَ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ، لأَِنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، لأَِنَّهُ قَبَضَ بِإِذْنِهِ، وَلاَ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ مِنْ عَمَلِهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، لأَِنَّ الْمَنَافِعَ مَتَى صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ، فَإِذَا أَمَرَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ، صَحَّ، وَيَصِيرُ نَائِبًا مَنَابَهُ، فَيَصِيرُ فِعْلُهُ مَنْقُولاً إِلَيْهِ، كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ، فَلِهَذَا لاَ
__________
(1) مجمع الضمانات (423) والدر المختار ورد المحتار 5 / 92، والشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 296.
يَضْمَنُهُ وَإِنَّمَا الضَّمَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَخْدُومِهِ (1) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (إِجَارَة) .
ثَالِثًا: ضَمَانُ الشَّخْصِ فِعْل الْحَيَوَانِ:
هُنَاكَ نَوْعَانِ مِنَ الْحَيَوَانِ: أَحَدُهُمَا الْحَيَوَانُ الْعَادِيُّ، وَالآْخَرُ الْحَيَوَانُ الْخَطِرُ، وَفِي تَضْمِينِ جِنَايَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَنُوَضِّحُهُ فِيمَا يَلِي:
أ - ضَمَانُ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ الْعَادِيِّ غَيْرِ الْخَطِرِ:
102 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِ مَا يُتْلِفُهُ الْحَيَوَانُ الْعَادِيُّ، غَيْرُ الْخَطِرِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى ضَمَانِ مَا تُفْسِدُهُ الدَّابَّةُ مِنَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ، إِذَا وَقَعَ فِي اللَّيْل، وَكَانَتْ وَحْدَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ يَدٌ لأَِحَدٍ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي النَّهَارِ، وَلَمْ تَكُنْ يَدٌ لأَِحَدٍ عَلَيْهَا - أَيِ الدَّابَّةِ - فَلاَ ضَمَانَ فِيهِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ فَدَخَلَتْ حَائِطًا، فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْل عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ
__________
(1) الدر المختار 5 / 43 و 44، وجواهر الإكليل 2 / 191، وانظر شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي عليه 3 / 81.
الصفحة 277