كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
أَوْ مُسْتَعِيرًا، أَوْ غَاصِبًا أَوْ مُودِعًا، أَوْ وَكِيلاً أَوْ غَيْرَهُ (1) .
وَيَقُول الشَّرْقَاوِيُّ فِي جِنَايَةِ الدَّابَّةِ: لاَ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، بَل بِذِي الْيَدِ عَلَيْهَا (2) .
108 - وَلَوْ تَعَدَّدَ وَاضِعُو الْيَدِ عَلَى الْحَيَوَانِ، فَالضَّمَانُ - فِيمَا يَبْدُو مِنَ النُّصُوصِ - عَلَى الأَْقْوَى يَدًا، وَالأَْكْثَرِ قُدْرَةً عَلَى التَّصَرُّفِ، وَعِنْدَ الاِسْتِوَاءِ يَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا.
قَال الْكَاسَانِيُّ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَائِقًا، وَالآْخَرُ قَائِدًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا لأَِنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي التَّسْبِيبِ، فَيَشْتَرِكَانِ فِي الضَّمَانِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا سَائِقًا وَالآْخَرُ رَاكِبًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَائِدًا وَالآْخَرُ رَاكِبًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِلاَّ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى الرَّاكِبِ وَحْدَهُ، فِيمَا لَوْ وَطِئَتْ دَابَّتُهُ إِنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ، لِوُجُودِ الْقَتْل مِنْهُ وَحْدَهُ مُبَاشَرَةً (3) ، وَإِنْ كَانَ الْحَصْكَفِيُّ صَحَّحَ عَدَمَ تَضْمِينِ السَّائِقِ، لأَِنَّ الإِْضَافَةَ إِلَى الْمُبَاشِرِ أَوْلَى، لَكِنَّ السَّبَبَ - هُنَا - مِمَّا يَعْمَل بِانْفِرَادِهِ، فَيَشْتَرِكَانِ كَمَا حَقَّقَهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَابِدِينَ (4) .
__________
(1) شرح صحيح مسلم للنووي 11 / 225 (ط: المطبعة المصرية في القاهرة: 1349 هـ.) .
(2) حاشية الشرقاوي على شرح التحرير 2 / 459.
(3) البدائع 7 / 280.
(4) الدر المختار ورد المحتار عليه 5 / 388.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَإِنْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبَانِ، فَالضَّمَانُ عَلَى الأَْوَّل مِنْهُمَا، لأَِنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا، الْقَادِرُ عَلَى كَفِّهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الأَْوَّل مِنْهُمَا صَغِيرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ نَحْوَهُمَا، وَيَكُونُ الثَّانِي الْمُتَوَلِّي لِتَدْبِيرِهَا، فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ مَعَ الدَّابَّةِ قَائِدٌ وَسَائِقٌ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ ضَمِنَ، فَإِذَا اجْتَمَعَا ضَمِنَا: وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا رَاكِبٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، لِذَلِكَ.
وَالآْخَرُ: أَنَّهُ عَلَى الرَّاكِبِ، لأَِنَّهُ أَقْوَى يَدًا وَتَصَرُّفًا.
وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَائِدِ لأَِنَّهُ لاَ حُكْمَ لِلرَّاكِبِ عَلَى الْقَائِدِ (1) .
ب - ضَمَانُ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ الْخَطِرِ:
109 - وَيَتَمَثَّل فِي الْكَبْشِ النَّطُوحِ، وَالْجَمَل الْعَضُوضِ، وَالْفَرَسِ الْكَدُومِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، كَمَا يَتَمَثَّل فِي الْحَشَرَاتِ الْمُؤْذِيَةِ، وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَالْحَيَوَانَاتِ الْوَحْشِيَّةِ الْمُفْتَرِسَةِ، وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ، كَالأَْسَدِ وَالذِّئْبِ، وَسِبَاعِ الطَّيْرِ كَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ، وَفِيهَا مَذَاهِبُ لِلْفُقَهَاءِ:
__________
(1) المغني بالشرح الكبير 10 / 359.
الصفحة 283