كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
الْهِرَّةَ) يَنْبَغِي أَنْ تُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهَا (1) .
أَمَّا مَا يُتْلِفُهُ الْكَلْبُ الْعَقُورُ لِغَيْرِ الْعَقْرِ، كَمَا لَوْ وَلَغَ فِي إِنَاءٍ، أَوْ بَال، فَلاَ يُضْمَنُ، لأَِنَّ هَذَا لاَ يَخْتَصُّ بِهِ الْكَلْبُ الْعَقُورُ (2) .
رَابِعًا: ضَمَانُ سُقُوطِ الْمَبَانِي:
110 - بَحَثَ الْفُقَهَاءُ مَوْضُوعَ سُقُوطِ الْمَبَانِي وَضَمَانَهَا بِعِنْوَانِ: الْحَائِطِ الْمَائِل. وَيَتَنَاوَل الْقَوْل فِي ضَمَانِ الْحَائِطِ، مَا يَلْحَقُ بِهِ، مِنَ الشُّرُفَاتِ وَالْمَصَاعِدِ وَالْمَيَازِيبِ وَالأَْجْنِحَةِ، إِذَا شُيِّدَتْ مُطِلَّةً عَلَى مِلْكِ الآْخَرِينَ أَوِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَمَا يَتَّصِل بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ.
وَقَدْ مَيَّزَ الْفُقَهَاءُ، بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ، أَوِ الْحَائِطُ أَوْ نَحْوُهُ، مَبْنِيًّا مِنَ الأَْصْل مُتَدَاعِيًا ذَا خَلَلٍ، أَوْ مَائِلاً، وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْخَلَل طَارِئًا، فَهُمَا حَالَتَانِ:
الْحَالَةُ الأُْولَى: الْخَلَل الأَْصْلِيُّ فِي الْبِنَاءِ:
111 - هُوَ الْخَلَل الْمَوْجُودُ فِي الْبِنَاءِ، مُنْذُ الإِْنْشَاءِ، كَأَنْ أُنْشِئَ مَائِلاً إِلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ أُشْرِعَ الْجَنَاحُ أَوِ الْمِيزَابُ أَوِ الشُّرْفَةُ، بِغَيْرِ إِذْنٍ، أَوْ أَشْرَعَهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِنْ سَقَطَ الْبِنَاءُ فِي
__________
(1) شرح المحلي على المنهاج 4 / 213، وانظر فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب، وحاشية البجيرمي عليه المسماة: التجريد لنفع العبيد 4 / 226 (ط: بولاق: 1309 هـ) . وحاشية البجيرمي على الخطيب 4 / 191.
(2) المغني بالشرح الكبير 10 / 358، وكشاف القناع 4 / 120.
هَذِهِ الْحَال، فَأَتْلَفَ إِنْسَانًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ مَالاً، كَانَ ذَلِكَ مَضْمُونًا عَلَى صَاحِبِهِ، مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (1) ، وَمِنْ غَيْرِ إِشْهَادٍ وَلاَ طَلَبٍ، لأَِنَّ فِي الْبِنَاءِ تَعَدِّيًا ظَاهِرًا ثَابِتًا مُنْذُ الاِبْتِدَاءِ وَذَلِكَ بِشَغْل هَوَاءِ الطَّرِيقِ بِالْبِنَاءِ، وَهَوَاءُ الطَّرِيقِ كَأَصْل الطَّرِيقِ حَقُّ الْمَارَّةِ، فَمَنْ أَحْدَث فِيهِ شَيْئًا، كَانَ مُتَعَدِّيًا ضَامِنًا (2) .
وَالشَّافِعِيَّةُ لاَ يُفَرِّقُونَ فِي الضَّمَانِ، بَيْنَ أَنْ يَأْذَنَ الإِْمَامُ فِي الإِْشْرَاعِ أَوْ لاَ، لأَِنَّ الاِنْتِفَاعَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلاَمَةِ الْعَاقِبَةِ، بِأَنْ لاَ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مَضْمُونٌ، وَإِنْ كَانَ إِشْرَاعًا جَائِزًا.
لَكِنْ مَا تَوَلَّدَ مِنَ الْجَنَاحِ، فِي دَرْبٍ مُنْسَدٍّ، بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهِ، مَضْمُونٌ، وَبِإِذْنِهِمْ لاَ ضَمَانَ فِيهِ (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَإِذَا بَنَى فِي مِلْكِهِ حَائِطًا مَائِلاً إِلَى الطَّرِيقِ، أَوْ إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ، فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ أَوْ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ، لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ الاِنْتِفَاعُ
__________
(1) جواهر الإكليل 2 / 297، وشرح الزرقاني 8 / 117، والشرح الكبير للدردير 4 / 356، ومنح الجليل 4 / 559.
(2) المبسوط 27 / 9، والهداية بشروحها 9 / 254، ومجمع الضمانات 183، ودرر الحكام 2 / 111، والدر المختار 5 / 385، وشرح التحرير بحاشية الشرقاوي 2 / 460، وروضة الطالبين 9 / 321.
(3) شرح المحلي وحاشية القليوبي عليه 4 / 148، وروضة الطالبين 9 / 319.
الصفحة 285