كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
إِحْدَاهُمَا مُنْحَدِرَةً، وَالأُْخْرَى صَاعِدَةً فَعَلَى الْمُنْحَدِرِ ضَمَانُ الصَّاعِدَةِ، لأَِنَّهَا تَنْحَدِرُ عَلَيْهَا مِنْ عُلُوٍّ، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا فِي غَرَقِهَا، فَتَنْزِل الْمُنْحَدِرَةُ مَنْزِلَةَ السَّائِرَةِ، وَالصَّاعِدَةُ مَنْزِلَةَ الْوَاقِفَةِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيطُ مِنَ الْمُصْعِدِ فَيَكُونُ، الضَّمَانُ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ الْمُفَرِّطُ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي اصْطِدَامِ السُّفُنِ: السَّفِينَتَانِ كَالدَّابَّتَيْنِ، وَالْمَلاَّحَانِ كَالرَّاكِبَيْنِ إِنْ كَانَتَا لَهُمَا (2) .
وَأَطْلَقَ ابْنُ جُزَيٍّ قَوْلَهُ: إِذَا اصْطَدَمَ مَرْكَبَانِ فِي جَرْيِهِمَا، فَانْكَسَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا، فَلاَ ضَمَانَ فِي ذَلِكَ (3) .
انْتِفَاءُ الضَّمَانِ:
يَنْتَفِي الضَّمَانُ - بِوَجْهٍ عَامٍّ - بِأَسْبَابٍ كَثِيرَةٍ، مِنْ أَهَمِّهَا
أ - دَفْعُ الصَّائِل:
120 - يُشْتَرَطُ فِي دَفْعِ الصَّائِل، لاِنْتِفَاءِ الإِْثْمِ وَانْتِفَاءِ الضَّمَانِ - بِوَجْهٍ عَامٍّ - مَا يَلِي:
1 - أَنْ يَكُونَ الصَّوْل حَالًّا، وَالصَّائِل شَاهِرًا سِلاَحَهُ أَوْ سَيْفَهُ، وَيَخَافُ مِنْهُ الْهَلاَكَ (4) ، بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُ الْمَصُول عَلَيْهِ،
__________
(1) الشرح الكبير مع المغني 5 / 456، 457.
(2) شرح المحلي على المنهاج بحاشيتي القليوبي وعميرة 4 / 151، 152.
(3) القوانين الفقهية 218.
(4) الوجيز 2 / 185.
أَنْ يَلْجَأَ إِلَى السُّلْطَةِ لِيَدْفَعَهُ عَنْهُ (1) .
2 - أَنْ يَسْبِقَهُ إِنْذَارٌ وَإِعْلاَمٌ لِلصَّائِل، إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَفْهَمُ الْخِطَابَ كَالآْدَمِيِّ (2) ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُنَاشِدَهُ اللَّهَ، فَيَقُول: نَاشَدْتُكَ اللَّهَ إِلاَّ مَا خَلَّيْتَ سَبِيلِي، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، أَوْ يَعِظَهُ، أَوْ يَزْجُرَهُ لَعَلَّهُ يَنْكَفَّ، فَأَمَّا غَيْرُهُ، كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ - وَفِي حُكْمِهِمَا الْبَهِيمَةُ - فَإِنَّ إِنْذَارَهُمْ غَيْرُ مُفِيدٍ، وَهَذَا مَا لَمْ يُعَاجِل بِالْقِتَال، وَإِلاَّ فَلاَ إِنْذَارَ، قَال الْخَرَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الإِْنْذَارَ مُسْتَحَبٌّ (3) ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الدَّرْدِيرُ: بَعْدَ الإِْنْذَارِ نَدْبًا (4) .
وَقَال الْغَزَالِيُّ: وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الإِْنْذَارِ، فِي كُل دَفْعٍ، إِلاَّ فِي مَسْأَلَةِ النَّظَرِ إِلَى حَرَمِ الإِْنْسَانِ مِنْ كَوَّةٍ (5) .
3 - كَمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ عَلَى سَبِيل التَّدَرُّجِ: فَمَا أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِالْقَوْل لاَ يُدْفَعُ بِالضَّرْبِ، وَمَا أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِالضَّرْبِ لاَ يُدْفَعُ بِالْقَتْل (6) ، وَذَلِكَ تَطْبِيقًا لِلْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُقَرَّرَةِ فِي نَحْوِ هَذَا:
__________
(1) الدر المختار 5 / 351.
(2) جواهر الإكليل 2 / 297.
(3) شرح الخرشي على مختصر خليل 8 / 112.
(4) الشرح الكبير بحاشية الدسوقي عليه 4 / 357.
(5) الوجيز 2 / 185 بتصرف.
(6) انظر الدر المختار 5 / 351، ومنح الجليل 4 / 569.
الصفحة 294