كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
تَكُنْ لَهُ وِلاَيَةٌ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِأَخْذِ مَال غَيْرِهِ فَأَخَذَهُ، ضَمِنَ الآْخِذُ لاَ الآْمِرُ، لِعَدَمِ الْوِلاَيَةِ عَلَيْهِ أَصْلاً (1) ، فَلَمْ يَصِحَّ الأَْمْرُ، وَفِي كُل مَوْضِعٍ لَمْ يَصِحَّ الأَْمْرُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْمَأْمُورِ، وَلَمْ يَضْمَنِ الآْمِرُ (2) .
وَإِذَا صَحَّ الأَْمْرُ بِالشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَقَعَ الضَّمَانُ عَلَى الآْمِرِ، وَانْتَفَى عَنِ الْمَأْمُورِ وَلَوْ كَانَ مُبَاشِرًا. لأَِنَّهُ مَعْذُورٌ لِوُجُوبِ طَاعَتِهِ لِمَنْ هُوَ فِي وِلاَيَتِهِ، كَالْوَلَدِ إِذَا أَمَرَهُ أَبُوهُ، وَالْمُوَظَّفِ إِذَا أَمَرَهُ رَئِيسُهُ.
قَال الْحَصْكَفِيُّ: الآْمِرُ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالأَْمْرِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الآْمِرُ سُلْطَانًا أَوْ أَبًا أَوْ سَيِّدًا، أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا (3) .
وَكَذَا إِذَا كَانَ مَجْنُونًا، أَوْ كَانَ أَجِيرًا لِلآْمِرِ (4) .
د - حَال تَنْفِيذِ إِذْنِ الْمَالِكِ وَغَيْرِهِ:
124 - الأَْصْل أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلاَ إِذْنِهِ، فَإِنْ أَذِنَ وَتَرَتَّبَ عَلَى الْفِعْل الْمَأْذُونِ بِهِ ضَرَرٌ انْتَفَى الضَّمَانُ، لَكِنْ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ: بِأَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمَأْذُونُ
__________
(1) حاشية الرملي على جامع الفصولين 2 / 78.
(2) جامع الفصولين في الموضع نفسه، رامزًا إلى الفتاوى الصغرى للصدر الشهيد.
(3) الدر المختار 5 / 136.
(4) رد المحتار 5 / 136، وجامع الفصولين 2 / 78، ومجمع الضمانات ص 157.
بِإِتْلاَفِهِ مَمْلُوكًا لِلآْذِنِ، أَوْ لَهُ وِلاَيَةٌ عَلَيْهِ.
وَأَنْ يَكُونَ الآْذِنُ بِحَيْثُ يَمْلِكُ هُوَ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَإِتْلاَفَهُ، لِكَوْنِهِ مُبَاحًا لَهُ.
وَعَبَّرَ الْمَالِكِيَّةُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الإِْذْنُ مُعْتَبَرًا شَرْعًا (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إِذْنُهُ (2) ، فَلَوِ انْتَفَى الإِْذْنُ أَصْلاً، كَمَا لَوِ اسْتَخْدَمَ سَيَّارَةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ قَادَ دَابَّتَهُ، أَوْ سَاقَهَا، أَوْ حَمَل عَلَيْهَا شَيْئًا، أَوْ رَكِبَهَا فَعَطِبَتْ، فَهُوَ ضَامِنٌ (3) .
أَوِ انْتَفَى الْمِلْكُ - كَمَا لَوْ أَذِنَ شَخْصٌ لآِخَرَ بِفِعْلٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إِتْلاَفُ مِلْكِ غَيْرِهِ - ضَمِنَ الْمَأْذُونُ لَهُ، لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَال غَيْرِهِ بِلاَ إِذْنِهِ وَلاَ وِلاَيَتِهِ (4) .
وَلَوْ أَذِنَ الآْخَرُ بِإِتْلاَفِ مَالِهِ؛ فَأَتْلَفَهُ فَلاَ ضَمَانَ، كَمَا لَوْ قَال لَهُ: أَحْرِقْ ثَوْبِي فَفَعَل، فَلاَ يَغْرَمُ (5) ، إِلاَّ الْوَدِيعَةَ إِذَا أَذِنَ لَهُ بِإِتْلاَفِهَا يَضْمَنُهَا، لاِلْتِزَامِهِ حِفْظَهَا (6) ، وَلَوْ دَاوَى الطَّبِيبُ صَبِيًّا بِإِذْنٍ مِنَ الصَّبِيِّ نَفْسِهِ، فَمَاتَ أَوْ عَطِبَ، ضَمِنَ الطَّبِيبُ، وَلَوْ كَانَ الطَّبِيبُ عَالِمًا، وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرْ، وَلَوْ أَصَابَ وَجْهَ الْعِلْمِ
__________
(1) الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي 4 / 355.
(2) شرح المحلي على المنهاج 4 / 210.
(3) مجمع الضمانات 145 و 146.
(4) الدر المختار 5 / 127، وانظر جامع الفصولين 2 / 78.
(5) منح الجليل 4 / 347.
(6) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 4 / 355.
الصفحة 296