كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
وَالصَّنْعَةِ لأَِنَّ إِذْنَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا (1) .
وَكَذَا لَوْ أَذِنَ الرَّشِيدُ لِطَبِيبٍ فِي قَتْلِهِ فَفَعَل، لأَِنَّ هَذَا الإِْذْنَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ قَال لَهُ اقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ، ضَمِنَ دِيَتَهُ، لأَِنَّ الإِْبَاحَةَ لاَ تَجْرِي فِي النَّفْسِ، لأَِنَّ الإِْنْسَانَ لاَ يَمْلِكُ إِتْلاَفَ نَفْسِهِ، لأَِنَّهُ مُحَرَّمٌ شَرْعًا، لَكِنْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ، لِشُبْهَةِ الإِْذْنِ، كَمَا يَقُول الْحَصْكَفِيُّ (3) ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ (4) .
وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَفِيَّةِ: لاَ تَجِبُ الدِّيَةُ أَيْضًا (5) ، وَهُوَ قَوْل سَحْنُونٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ (6) ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَهُوَ هَدْرٌ لِلإِْذْنِ (7) ، وَفِي قَوْل ابْنِ قَاسِمٍ: يُقْتَل (8) ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ (9) .
__________
(1) الشرح الكبير للدردير 4 / 355، وشرح الخرشي وحاشية العدوي 8 / 111.
(2) يؤخذ من حاشية الدسوقي بتصرف 4 / 355.
(3) الدر المختار 5 / 352، وانظر البدائع 7 / 236.
(4) مغني المحتاج 4 / 50، وانظر كشاف القناع 6 / 5.
(5) الدر المختار 5 / 352، والبدائع 7 / 236.
(6) منح الجليل 4 / 346.
(7) مغني المحتاج 4 / 50.
(8) منح الجليل 4 / 346، وانظر جواهر الإكليل 2 / 255، والقوانين الفقهية ص 266.
(9) مجمع الضمانات 160.
هـ - حَال تَنْفِيذِ أَمْرِ الْحَاكِمِ أَوْ إِذْنِهِ:
125 - إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى تَنْفِيذِ أَمْرِ الْحَاكِمِ، أَوْ إِذْنِهِ بِالْفِعْل ضَرَرٌ، فَفِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ.
فَلَوْ حَفَرَ حُفْرَةً فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامِّ، أَوْ فِي مَكَان عَامٍّ لَهُمْ، كَالسُّوقِ وَالْمُنْتَدَى وَالْمُحْتَطَبِ وَالْمَقْبَرَةِ، أَوْ أَنْشَأَ بِنَاءً، أَوْ شَقَّ تُرْعَةً، أَوْ نَصَبَ خَيْمَةً، فَعَطِبَ بِهَا رَجُلٌ، أَوْ تَلِفَ بِهَا إِنْسَانٌ، فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ، وَإِنْ تَلِفَ بِهَا حَيَوَانٌ، فَضَمَانُهُ فِي مَالِهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ تَعَدٍّ وَتَجَاوُزٌ، وَهُوَ مَحْظُورٌ فِي الشَّرْعِ صِيَانَةً لِحَقِّ الْعَامَّةِ لاَ خِلاَفَ فِي ذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ أَمْرِهِ أَوْ أَمْرِ نَائِبِهِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ حِينَئِذٍ، فَإِنَّ لِلإِْمَامِ وِلاَيَةً عَامَّةً عَلَى الطَّرِيقِ، إِذْ نَابَ عَنِ الْعَامَّةِ، فَكَانَ كَمَنْ فَعَلَهُ فِي مِلْكِهِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَتَلِفَ فِيهَا آدَمِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ ضَمِنَ الْحَافِرُ لِتَسَبُّبِهِ فِي تَلَفِهِ، أَذِنَ السُّلْطَانُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْبِنَاءِ (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ حَفَرَ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ
__________
(1) الهداية بشروحها 9 / 246، والمبسوط 27 / 25، والبدائع 7 / 278، ومجمع الأنهر 2 / 651 و 652، ومجمع الضمانات ص 178، والدر المختار 5 / 380، 381.
(2) جواهر الإكليل 2 / 148، والدسوقي 3 / 444، والقوانين الفقهية ص 224.
الصفحة 297