كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

الْجَوْفِ مَا يَلِي: -
أ - أَنْ يَكُونَ الدَّاخِل إِلَى الْجَوْفِ، مِنَ الْمَنَافِذِ الْوَاسِعَةِ - كَمَا قَيَّدَهُ بِذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ (1) - وَالْمَفْتُوحَةِ - كَمَا قَال الشَّافِعِيَّةُ (2) - أَيِ: الْمَخَارِقِ الطَّبِيعِيَّةِ الأَْصْلِيَّةِ فِي الْجِسْمِ، وَالَّتِي تُعْتَبَرُ مُوَصِّلَةً لِلْمَادَّةِ مِنَ الْخَارِجِ إِلَى الدَّاخِل، كَالْفَمِ وَالأَْنْفِ وَالأُْذُنِ.
وَقَدِ اسْتُدِل لِذَلِكَ، بِالاِتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ مَنِ اغْتَسَل فِي مَاءٍ، فَوَجَدَ بَرْدَهُ فِي بَاطِنِهِ لاَ يُفْطِرُ، وَمَنْ طَلَى بَطْنَهُ بِدُهْنٍ لاَ يَضُرُّ، لأَِنَّ وُصُولَهُ إِلَى الْجَوْفِ بِتَشَرُّبٍ (3) .
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَابِلَةُ ذَلِكَ، بَل اكْتَفَوْا بِتَحَقُّقِ وُصُولِهِ إِلَى الْحَلْقِ وَالْجَوْفِ، وَالدِّمَاغُ جَوْفٌ (4) .
ب - أَنْ يَكُونَ الدَّاخِل إِلَى الْجَوْفِ مِمَّا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ، كَدُخُول الْمَطَرِ وَالثَّلْجِ بِنَفْسِهِ حَلْقَ الصَّائِمِ إِذَا لَمْ يَبْتَلِعْهُ بِصُنْعِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ - كَالذُّبَابِ يَطِيرُ إِلَى الْحَلْقِ، وَغُبَارِ الطَّرِيقِ - لَمْ يُفْطِرْ إِجْمَاعًا (5) .
وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ الْفَسَادُ،
__________
(1) القوانين الفقهية ص 80.
(2) شرح المحلي على المنهاج 2 / 56، والإقناع 2 / 328.
(3) رد المحتار على الدر المختار 2 / 98، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 59، والإقناع 2 / 329.
(4) كشاف القناع 2 / 318.
(5) القوانين الفقهية ص 80.
لِوُصُول الْمُفْطِرِ إِلَى جَوْفِهِ.
وَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ، أَنَّهُ لاَ يُسْتَطَاعُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ، فَأَشْبَهَ الدُّخَانَ (1) .
وَالْجَوْفُ: هُوَ الْبَاطِنُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّا يُحِيل الْغِذَاءَ وَالدَّوَاءَ، أَيْ يُغَيِّرُهُمَا كَالْبَطْنِ وَالأَْمْعَاءِ، أَمْ كَانَ مِمَّا يُحِيل الدَّوَاءَ فَقَطْ كَبَاطِنِ الرَّأْسِ أَوِ الأُْذُنِ، أَمْ كَانَ مِمَّا لاَ يُحِيل شَيْئًا كَبَاطِنِ الْحَلْقِ (2) .
قَال النَّوَوِيُّ: جَعَلُوا الْحَلْقَ كَالْجَوْفِ، فِي بُطْلاَنِ الصَّوْمِ بِوُصُول الْوَاصِل إِلَيْهِ، وَقَال الإِْمَامُ: إِذَا جَاوَزَ الشَّيْءُ الْحُلْقُومَ أَفْطَرَ.
قَال: وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا - بَاطِنُ الدِّمَاغِ وَالأَْمْعَاءُ وَالْمَثَانَةُ مِمَّا يُفْطِرُ الْوُصُول إِلَيْهِ (3) .
ج - وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدَّاخِل إِلَى الْجَوْفِ مُغَذِّيًا، فَيَفْسُدُ الصَّوْمُ بِالدَّاخِل إِلَى الْجَوْفِ، مِمَّا يُغَذِّي أَوْ لاَ يُغَذِّي، كَابْتِلاَعِ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: وَتَحْصِيل مَذْهَبِ مَالِكٍ، أَنَّهُ يَجِبُ الإِْمْسَاكُ عَمَّا يَصِل إِلَى الْحَلْقِ، مِنْ أَيِّ الْمَنَافِذِ وَصَل،
__________
(1) الهداية بشروحها 2 / 258، والدر المختار 2 / 97، والمغني 3 / 50.
(2) الإقناع وحاشية البجيرمي عليه 2 / 328.
(3) روضة الطالبين 2 / 356.

الصفحة 30