كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ سُنَّةٌ، وَمُدَّتُهَا ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ - وَهِيَ الْمَذْهَبُ - أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَمُدَّتُهَا يَوْمٌ لَيْلَةٌ، وَالْكَمَال ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ. وَبِهَذَا يَقُول اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وُجُوبَ الضِّيَافَةِ فِي حَالَةِ الْمُجْتَازِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُبَلِّغُهُ وَيَخَافُ الْهَلاَكَ.
وَالضِّيَافَةُ عَلَى أَهْل الْقُرَى وَالْحَضَرِ، إِلاَّ مَا جَاءَ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ وَالإِْمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَهْل الْحَضَرِ ضِيَافَةٌ، وَقَال سَحْنُونٌ: الضِّيَافَةُ عَلَى أَهْل الْقُرَى، وَأَمَّا أَهْل الْحَضَرِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا قَدِمَ الْحَضَرَ وَجَدَ نُزُلاً - وَهُوَ الْفُنْدُقُ - فَيَتَأَكَّدُ النَّدْبُ إِلَيْهَا وَلاَ يَتَعَيَّنُ عَلَى أَهْل الْحَضَرِ تَعَيُّنَهَا عَلَى أَهْل الْقُرَى لَمَعَانٍ:

أَحَدُهَا:
أَنَّ ذَلِكَ يَتَكَرَّرُ عَلَى أَهْل الْحَضَرِ، فَلَوِ الْتَزَمَ أَهْل الْحَضَرِ الضِّيَافَةَ لَمَا خَلَوْا مِنْهَا، وَأَهْل الْقُرَى يَنْدُرُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَلاَ تَلْحَقُهُمْ مَشَقَّةٌ.

ثَانِيهَا:
أَنَّ الْمُسَافِرَ يَجِدُ فِي الْحَضَرِ الْمَسْكَنَ وَالطَّعَامَ، فَلاَ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ لِعَدَمِ الضِّيَافَةِ، وَحُكْمُ الْقُرَى الْكِبَارِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا الْفَنَادِقُ وَالْمَطَاعِمُ لِلشِّرَاءِ وَيَكْثُرُ تَرْدَادُ
النَّاسِ عَلَيْهَا حُكْمُ الْحَضَرِ، وَهَذَا فِيمَنْ لاَ يَعْرِفُهُ الإِْنْسَانُ، وَأَمَّا مَنْ يَعْرِفُهُ مَعْرِفَةَ مَوَدَّةٍ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ أَوْ صِلَةٌ وَمُكَارَمَةٌ، فَحُكْمُهُ فِي الْحَضَرِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ (1) .

آدَابُ الضِّيَافَةِ:

آدَابُ الْمُضِيفِ:
6 - يُسْتَحَبُّ لِلْمُضِيفِ إِينَاسُ الضَّيْفِ بِالْحَدِيثِ الطَّيِّبِ وَالْقَصَصِ الَّتِي تَلِيقُ بِالْحَال، لأَِنَّ مِنْ تَمَامِ الإِْكْرَامِ طَلاَقَةَ الْوَجْهِ وَطِيبَ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَالدُّخُول لِيَحْصُل لَهُ الاِنْبِسَاطُ، وَلاَ يَتَكَلَّفُ مَا لاَ يُطِيقُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا وَأَتْقِيَاءُ أُمَّتِي بُرَآءُ مِنَ التَّكَلُّفِ (2) وَأَنْ يَقُول لِلضَّيْفِ أَحْيَانًا: " كُل " مِنْ غَيْرِ إِلْحَاحٍ، وَأَلاَّ يُكْثِرَ السُّكُوتَ عِنْدَ الضَّيْفِ، وَأَنْ لاَ يَغِيبَ عَنْهُ، وَلاَ يَنْهَرَ خَادِمَهُ بِحَضْرَتِهِ، وَأَنْ يَخْدُمَهُ بِنَفْسِهِ، وَأَلاَّ يُجْلِسَهُ مَعَ مَنْ يَتَأَذَّى بِجُلُوسِهِ أَوْ لاَ يَلِيقُ لَهُ الْجُلُوسُ مَعَهُ، وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِالْخُرُوجِ إِذَا اسْتَأْذَنَهُ وَأَنْ
__________
(1) عمدة القاري 22 / 111، 173، 13 / 8، وفتح الباري 5 / 108، وفتاوى قاضيخان بهامش الهندية 3 / 401، والمنتقى للباجي 7 / 242، 243، نهاية المحتاج 6 / 376، الإنافة في الصدقة والضيافة لابن حجر الهيثمي ص 87، المغني 8 / 603 (ط. الرياض) ، أحكام أهل الذمة لابن القيم 2 / 783 وما بعدها.
(2) حديث: " أنا وأتقياء أمتي. . . . ". أورده الشوكاني في الفوائد المجموعة ص 86، وقال: قال النووي: ليس بثابت، وقال في المقاصد: روى معناه بسند ضعيف.

الصفحة 317