كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (1) . فَإِنَّهُ عَامٌّ (2) .
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الإِْكْرَاهَ عَلَى الإِْفْطَارِ يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَيَسْتَوْجِبُ الْقَضَاءَ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُرَادَ مِنْ حَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ رَفْعُ الْحُكْمِ، لِتَصْحِيحِ الْكَلاَمِ اقْتِضَاءً، وَالْمُقْتَضِي لاَ عُمُومَ لَهُ، وَالإِْثْمُ مُرَادٌ إِجْمَاعًا، فَلاَ تَصِحُّ إِرَادَةُ الْحُكْمِ الآْخَرِ - وَهُوَ الدُّنْيَوِيُّ - بِالْفَسَادِ (3) .

مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَيُوجِبُ الْقَضَاءَ:
39 - وَذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الإِْخْلاَل بِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ، وَيُمْكِنُ حَصْرُهُ فِيمَا يَلِي: -
1 - تَنَاوُل مَا لاَ يُؤْكَل فِي الْعَادَةِ.
2 - قَضَاءُ الْوَطَرِ قَاصِرًا.
3 - شُئُونُ الْمُعَالَجَةِ وَالْمُدَاوَاةِ.
4 - التَّقْصِيرُ فِي حِفْظِ الصَّوْمِ وَالْجَهْل بِأَحْكَامِهِ.
5 - الإِْفْطَارُ بِسَبَبِ الْعَوَارِضِ. أَوَّلاً: تَنَاوُل مَا لاَ يُؤْكَل عَادَةً:
__________
(1) حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ ". أخرجه ابن ماجه (1 / 659) والحاكم (2 / 198) من حديث ابن عباس، واللفظ لابن ماجه وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي.
(2) كشاف القناع 2 / 320، والروض المربع 1 / 141.
(3) رد المحتار 2 / 102، وانظر البدائع 2 / 96.
40 - تَنَاوُل مَا لاَ يُؤْكَل عَادَةً كَالتُّرَابِ وَالْحَصَى، وَالدَّقِيقِ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ - عَلَى الصَّحِيحِ - وَالْحُبُوبِ النِّيئَةِ، كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ، وَالثِّمَارِ الْفِجَّةِ الَّتِي لاَ تُؤْكَل قَبْل النُّضْجِ، كَالسَّفَرْجَل وَالْجَوْزِ، وَكَذَا تَنَاوُل مِلْحٍ كَثِيرٍ دَفْعَةً وَاحِدَةً يُوجِبُ الْقَضَاءَ دُونَ الْكَفَّارَةِ، أَمَّا إِذَا أَكَلَهُ عَلَى دَفَعَاتٍ، بِتَنَاوُل دَفْعَةٍ قَلِيلَةٍ، فِي كُل مَرَّةٍ، فَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
أَمَّا فِي أَكْل نَوَاةٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ وَرَقٍ، أَوِ ابْتِلاَعِ حَصَاةٍ، أَوْ حَدِيدٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَكَذَا شُرْبُ مَا لاَ يُشْرَبُ مِنَ السَّوَائِل كَالْبِتْرُول فَالْقَضَاءُ دُونَ كَفَّارَةٍ لِقُصُورِ الْجِنَايَةِ بِسَبَبِ الاِسْتِقْذَارِ وَالْعِيَافَةِ وَمُنَافَاةِ الطَّبْعِ، فَانْعَدَمَ مَعْنَى الْفِطْرِ، وَهُوَ بِإِيصَال مَا فِيهِ نَفْعُ الْبَدَنِ إِلَى الْجَوْفِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّا يُتَغَذَّى بِهِ أَمْ يُتَدَاوَى بِهِ. وَلأَِنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَيْسَتْ غِذَائِيَّةً، وَلاَ فِي مَعْنَى الْغِذَاءِ - كَمَا يَقُول الطَّحَاوِيُّ - وَلِتَحَقُّقِ الإِْفْطَارِ فِي الصُّورَةِ، وَهُوَ الاِبْتِلاَعُ (1) .
قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الْفِطْرُ مِمَّا دَخَل.
__________
(1) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 367، وانظر تبيين الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 367، وانظر تبيين الحقائق 1 / 326، وانظر مراقي الفلاح 367، والشرح الكبير للدردير 1 / 523، وكشاف القناع 2 / 317 وما بعدها، والإقناع وحاشية البجيرمي 2 / 328.

الصفحة 32