كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ (1) قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَأْمُرُوهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا لَهُمْ، وَلَكِنْ أَمَرُوهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَأَطَاعُوهُمْ، فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ أَرْبَابًا، وَقَال الْحَسَنُ: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا فِي الطَّاعَةِ (2) .
ب - طَاعَةُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
6 - إِذَا وَجَبَ الإِْيمَانُ بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَصْدِيقِهِ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ لأَِنَّ ذَلِكَ مِمَّا أَتَى بِهِ، وَقَدْ تَضَافَرَتِ الأَْدِلَّةُ وَتَوَاتَرَتْ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} (3) وَقَال تَعَالَى {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُول لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (4) وَقَال تَعَالَى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (5) .
وَقَال تَعَالَى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُول فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (6) فَجَعَل اللَّهُ تَعَالَى طَاعَةَ رَسُولِهِ طَاعَتَهُ، وَقَرَنَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِهِ.
__________
(1) حديث عدي بن حاتم " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في سورة براءة ". أخرجه الترمذي 5 / 278، وقال: هذا حديث غريب، وغطيف بن أعين - يعني أحد رواته - ليس بمعروف في الحديث.
(2) تفسير الطبري 10 / 80 وما بعدها (ط الأميرية 1327 هـ) ، تفسير القرطبي 5 / 259 (ط دار الكتب المصرية 1958 م) . المنهاج في شعب الإيمان 1 / 192 (ط. دار الفكر 1979 م) .
(3) سورة الأنفال / 20.
(4) سورة آل عمران / 132.
(5) سورة النور / 54.
(6) سورة النساء / 80.
قَال الْقَاضِي عِيَاضٌ: قَال الْمُفَسِّرُونَ وَالأَْئِمَّةُ: طَاعَةُ الرَّسُول الْتِزَامُ سُنَّتِهِ وَالتَّسْلِيمُ لِمَا جَاءَ بِهِ، وَمَا أَرْسَل اللَّهُ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ فَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ حَكَى اللَّهُ عَنِ الْكُفَّارِ فِي دَرَكَاتِ جَهَنَّمَ {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ} (1) فَتَمَنَّوْا طَاعَتَهُ حَيْثُ لاَ يَنْفَعُهُمُ التَّمَنِّي.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ. وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ (2) وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ (3) وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَل مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، كَمَثَل رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَال: يَا قَوْمِ، إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنِي، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ (4) فَالنَّجَاءَ، فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ
__________
(1) سورة الأحزاب / 66.
(2) حديث أبي هريرة: " من أطاعني فقد أطاع الله. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 111) ، ومسلم 3 / 1466.
(3) حديث: " إذا نهيتكم عن شيء. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 251) ، ومسلم 4 / 1831 من حديث أبي هريرة واللفظ للبخاري.
(4) النذير العريان: ضرب به المثل في تحقق الخبر، قال ابن حجر: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه ولما جاء به مثلاً بذلك لما أبداه من الخوارق والمعجزات الدالة على القطع بصدقه، تقريبًا للإهام المخاطبين بما يألفون ويعرفونه. (فتح الباري 11 / 316 - 317) .
الصفحة 322