كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: طَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ: قَال أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ: طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا، إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا (1) .
حُدُودُ الطَّاعَةِ:
11 - طَاعَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَطَاعَةُ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَهَا حُدُودٌ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ طَاعَتُهُمَا مُطْلَقًا فِي كُل مَا أَمَرَا بِهِ وَنَهَيَا عَنْهُ (2) فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِقَيْدٍ فَقَال تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول} (3) وَقَدْ بَايَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: بَايَعْنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ (4) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ (5) .
أَمَّا طَاعَةُ الْمَخْلُوقِينَ - مِمَّنْ تَجِبُ طَاعَتُهُمْ -
__________
(1) المغني لابن قدامة 7 / 20.
(2) تفسير الطبري 5 / 147 (ط مصطفى الحلبي 1954) ، فتح الباري 13 / 111.
(3) سورة محمد / 33.
(4) حديث عبادة بن الصامت: " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة. . . ". أخرجه مسلم 3 / 1470.
(5) حديث: " إذا نهيتكم عن شيء. . . " تقدم ف 6.
كَالْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجِ وَوُلاَةِ الأَْمْرِ، فَإِنَّ وُجُوبَ طَاعَتِهِمْ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لاَ يَكُونَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِذْ لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ (1) .
قَال تَعَالَى فِي الْوَالِدَيْنِ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا} (2) .
وَفِي طَاعَةِ الزَّوْجِ رَوَتْ صَفِيَّةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَتْ: إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَْنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعْرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِل فِي شَعْرِهَا فَقَال: لاَ، إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ الْمُوصِلاَتُ (3) قَال ابْنُ حَجَرٍ: لَوْ دَعَاهَا الزَّوْجُ إِلَى مَعْصِيَةٍ فَعَلَيْهَا أَنْ تَمْتَنِعَ، فَإِنْ أَدَّبَهَا عَلَى ذَلِكَ كَانَ الإِْثْمُ عَلَيْهِ (4) .
وَفِي طَاعَةِ وُلاَةِ الأَْمْرِ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ (5) .
__________
(1) أحكام القرآن للجصاص 3 / 242.
(2) سورة لقمان / 15، وانظر فتح الباري 10 / 401.
(3) حديث عائشة: " إن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 304) .
(4) فتح الباري 9 / 304.
(5) حديث ابن عمر: " السمع والطاعة. . . " تقدم ف 7، وانظر فتح الباري 13 / 121.
الصفحة 327