كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)
طَاعُونٌ
التَّعْرِيفُ
1 - قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: الطَّاعُونُ لُغَةً: الْمَرَضُ الْعَامُّ وَالْوَبَاءُ الَّذِي يَفْسُدُ لَهُ الْهَوَاءُ فَتَفْسُدُ لَهُ الأَْمْزِجَةُ وَالأَْبْدَانُ (1) .
وَفِي الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ: الطَّاعُونُ دَاءٌ وَرَمِيٌّ وَبَائِيٌّ سَبَبُهُ مَكْرُوبٌ يُصِيبُ الْفِئْرَانَ، وَتَنْقُلُهُ الْبَرَاغِيثُ إِلَى فِئْرَانٍ أُخْرَى وَإِلَى الإِْنْسَانِ (2) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ قَال النَّوَوِيُّ: الطَّاعُونُ قُرُوحٌ تَخْرُجُ فِي الْجَسَدِ فَتَكُونُ فِي الآْبَاطِ أَوِ الْمَرَافِقِ أَوِ الأَْيْدِي أَوِ الأَْصَابِعِ وَسَائِرِ الْبَدَنِ، وَيَكُونُ مَعَهُ وَرَمٌ وَأَلَمٌ شَدِيدٌ، وَتَخْرُجُ تِلْكَ الْقُرُوحُ مَعَ لَهِيبٍ وَيَسْوَدُّ مَا حَوَالَيْهِ أَوْ يَخْضَرُّ أَوْ يَحْمَرُّ حُمْرَةً بَنَفْسَجِيَّةً كَدِرَةً وَيَحْصُل مَعَهُ خَفَقَانُ الْقَلْبِ وَالْقَيْءُ (3) ، وَفِي أَثَرٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَال: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ يَخْرُجُ فِي الْمُرَاقِ وَالإِْبِطِ (4) .
__________
(1) لسان العرب. مادة (طعن) .
(2) المعجم الوسيط.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي (14 / 204) ، وانظر عمدة القاري (21 / 256) ، والمنتقى (7 / 198) ، وفتح الباري (10 / 180) .
(4) زاد المعاد في هدي خير العباد (4 / 38) (بتحقيق الأرناؤوط) . وحديث عائشة: أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: " الطعن قد عرفناه فما الطاعون ". أخرجه أحمد (6 / 145) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2 / 314) ، وقال: رجال أحمد ثقات.
قَال ابْنُ قَيِّمٍ الْجَوْزِيَّةُ - بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ الصِّلَةَ بَيْنَ الْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ (1) - هَذِهِ الْقُرُوحُ وَالأَْوْرَامُ وَالْجِرَاحَاتُ، هِيَ آثَارُ الطَّاعُونِ، وَلَيْسَتْ نَفْسَهُ وَلَكِنِ الأَْطِبَّاءُ لَمَّا لَمْ تُدْرِكْ مِنْهُ إِلاَّ الأَْثَرَ الظَّاهِرَ جَعَلُوهُ نَفْسَ الطَّاعُونِ.
وَالطَّاعُونُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ ثَلاَثَةِ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: هَذَا الأَْثَرُ الظَّاهِرُ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الأَْطِبَّاءُ.
وَالثَّانِي: الْمَوْتُ الْحَادِثُ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي قَوْلِهِ: الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُل مُسْلِمٍ (2) .
وَالثَّالِثُ: السَّبَبُ الْفَاعِل لِهَذَا الدَّاءِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: أَنَّهُ بَقِيَّةُ رِجْزٍ أُرْسِل عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل (3) . وَوَرَدَ فِيهِ أَنَّهُ وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ (4) وَجَاءَ أَنَّهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ (5) .
__________
(1) يرى ابن القيم أن بين الوباء والطاعون عمومًا وخصوصًا؛ فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونًا، وكذلك الأمراض العامة أعم من الطاعون؛ فإنه واحد منها. (زاد المعاد 4 / 38) .
(2) حديث: " الطاعون شهادة لكل مسلم ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 180) ، ومسلم (3 / 1522) من حديث أنس.
(3) حديث: " أنه رجز أرسل على بني إسرائيل ". أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 513) ، ومسلم (4 / 1737) من حديث أسامة بن زيد.
(4) حديث: " أنه وخز أعدائكم من الجن ". أخرجه أحمد (4 / 395) ، والحاكم (1 / 50) ، من حديث أبي موسى الأشعري وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(5) خبر: " أن الطاعون دعوة نبي " ورد من حديث أبي منيب الأحدب قال: " خطب معاذ بالشام فذكر الطاعون، فقال: إنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم ". أخرجه أحمد (5 / 240) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2 / 311) ، وعزاه لأحمد وغيره ثم قال: رجال أحمد ثقات وسنده متصل.
الصفحة 329