كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

وَلاَ يُزْعَجُ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي سَبَقَ إِلَيْهِ لِلْمُعَامَلَةِ، وَإِنْ طَال مُقَامُهُ فِيهِ، لِخَبَرِ: مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ (1) ، وَلأَِنَّهُ أَحَدُ الْمُرْتَفِقِينَ، وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ بِالْيَدِ فَصَارَ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ فِيهِ (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ أَلاَّ يَطُول الْجُلُوسُ أَوِ الْبَيْعُ، فَإِنْ طَال أُخْرِجَ عَنْهُ. لأَِنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُتَمَلِّكِ إِنْ طَال الْجُلُوسُ لِلْمُعَامَلَةِ، وَيَنْفَرِدُ بِنَفْعٍ يُسَاوِيهِ فِيهِ غَيْرُهُ (3) .
وَأَضَافَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لاِسْتِرَاحَةٍ وَنَحْوِهَا كَالْحَدِيثِ، وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ (4) .
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِجَوَازِ الْجُلُوسِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلاِسْتِرَاحَةِ، لِحَدِيثِ (5) الأَْمْرِ بِإِعْطَاءِ الطَّرِيقِ حَقَّهُ: مِنْ: غَضٍّ لِلْبَصَرِ،
__________
(1) حديث: " من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له ". أخرجه أبو داود (3 / 453) ، من حديث أسمر بن مضرس، واستغربه المنذري في مختصر السنن (4 / 264) .
(2) نهاية المحتاج 5 / 342، أسنى المطالب 2 / 451، ابن عابدين 5 / 380.
(3) كشاف القناع 4 / 196، حاشية الدسوقي 3 / 368.
(4) حاشية الدسوقي 3 / 368.
(5) حديث: " الأمر بإعطاء الطريق حقها ". أخرجه البخاري (11 / 8) ، ومسلم (3 / 1675) ، من حديث أبي سعيد الخدري، ونصه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بد، نتحدث فيها، فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق يا رسول ال
وَكَفٍّ لِلأَْذَى، وَرَدٍّ لِلسَّلاَمِ، وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ، وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، مَا لَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ، وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَيْهِمْ، وَإِلاَّ كُرِهَ (1) .

إِذْنُ الإِْمَامِ فِي الاِرْتِفَاقِ بِالطَّرِيقِ:
10 - لاَ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْجُلُوسِ لِلْمُعَامَلَةِ فِي الطَّرِيقِ النَّافِذَةِ إِذْنُ الإِْمَامِ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ وَلاَ لأَِحَدٍ مِنَ الْوُلاَةِ أَخْذُ عِوَضٍ مِمَّنْ يَرْتَفِقُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ لِلْمُعَامَلَةِ، وَلاَ أَنْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنَ الطَّرِيقِ بِلاَ خِلاَفٍ، وَإِنْ فَضَل الْجُزْءُ الْمُبَاعُ عَنْ حَاجَةِ الطَّرِيقِ، لأَِنَّ الْبَيْعَ يَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ الْمِلْكِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ بَيْعُ الْمَوَاتِ وَلاَ قَائِل بِهِ، وَلأَِنَّ الطُّرُقَ كَالأَْحْبَاسِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفًا يُغَيِّرُ وَضْعَهَا (2) .
وَلِلإِْمَامِ أَنْ يَقْطَعَ بُقْعَةً مِنَ الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِمَنْ يَجْلِسُ فِيهَا لِلْمُعَامَلَةِ ارْتِفَاقًا، لاَ تَمْلِيكًا، إِنْ لَمْ يَضُرَّ الْمُسْلِمِينَ، لأَِنَّ لَهُ نَظَرًا وَاجْتِهَادًا فِي الضَّرَرِ وَغَيْرِهِ، وَلاَ يَمْلِكُ الْمَقْطُوعُ لَهُ الْبُقْعَةَ، إِنَّمَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالْجُلُوسِ فِيهَا كَالسَّابِقِ إِلَيْهَا (3) .

التَّزَاحُمُ فِي الاِرْتِفَاقِ:
11 - لِلْجَالِسِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْمُعَامَلَةِ
__________
(1) أسنى المطالب 2 / 449، نهاية المحتاج 5 / 345.
(2) نهاية المحتاج 5 / 343، حاشية الجمل 3 / 570، أسنى المطالب 2 / 450، مواهب الجليل 5 / 156 وما بعده.
(3) المصادر السابقة، وكشاف القناع 4 / 196.

الصفحة 348