كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

تَظْلِيل مَوْضِعِ جُلُوسِهِ بِمَا لاَ ثَبَاتَ لَهُ مِنْ حَصِيرٍ، أَوْ عَبَاءَةٍ، أَوْ ثَوْبٍ، لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُزَاحِمَهُ فِي مَحَل جُلُوسِهِ بِحَيْثُ يَضُرُّهُ، وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْكَيْل وَالْوَزْنِ وَالأَْخْذِ وَالْعَطَاءِ، وَلاَ أَنْ يُزَاحِمَهُ فِي مَوْضِعِ أَمْتِعَتِهِ وَمَوْقِفِ مُعَامِلِيهِ، وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْوُقُوفَ بِقُرْبِهِ إِنْ كَانَ الْوُقُوفُ يَمْنَعُ رُؤْيَةَ بِضَاعَتِهِ، أَوْ وُصُول الْقَاصِدِينَ إِلَيْهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ تَمَامِ الاِنْتِفَاعِ بِمَوْضِعِ اخْتِصَاصِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنَ الْجُلُوسِ بِقُرْبِهِ لِبَيْعِ مِثْل بِضَاعَتِهِ، إِنْ لَمْ يُزَاحِمْهُ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنَ الْمَرَافِقِ الْمَذْكُورَةِ (1) .
وَمَنْ سَبَقَ إِلَى الْجُلُوسِ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الطَّرِيقِ النَّافِذِ لِلْمُعَامَلَةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ سَبَقَ اثْنَانِ، وَتَنَازَعَا فِيهِ وَلَمْ يَسَعْهُمَا مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، لاِنْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ (2) .

تَرْكُ صَاحِبِ الاِخْتِصَاصِ مَوْضِعًا اخْتَصَّ بِهِ:
12 - إِنْ تَرَكَ الْجَالِسُ مَوْضِعَ اخْتِصَاصِهِ، وَانْتَقَل إِلَى غَيْرِهِ أَوْ تَرَكَ الْحِرْفَةَ الَّتِي كَانَ يُزَاوِلُهَا فِيهِ بَطَل حَقُّهُ فِيهِ، سَوَاءٌ أَأَقْطَعُهُ الإِْمَامُ لَهُ، أَمْ
__________
(1) المصادر السابقة، ومواهب الجليل 5 / 158.
(2) نهاية المحتاج 5 / 344، وأسنى المطالب 2 / 450، وكشاف القناع 4 / 196، ومواهب الجليل 5 / 158، وحاشية الدسوقي 3 / 368.
سَبَقَ إِلَيْهِ بِلاَ إِقْطَاعٍ مِنَ الإِْمَامِ. وَإِنْ فَارَقَهُ لِيَعُودَ إِلَيْهِ لَمْ يَبْطُل حَقُّهُ إِلاَّ أَنْ يَطُول غِيَابُهُ عَنْهُ، لِحَدِيثِ: مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ (1) فَإِنْ طَال غِيَابُهُ عَنْهُ بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ مُعَامِلُوهُ عَنْهُ وَيَأْلَفُونَ غَيْرَهُ يَبْطُل حَقُّهُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ فَارَقَهُ لِعُذْرٍ أَوْ تَرَكَ مَتَاعَهُ فِيهِ أَوْ كَانَ بِإِقْطَاعِ الإِْمَامِ لَهُ إِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ نَقَل مَتَاعَهُ عَنْ مَوْضِعِ اخْتِصَاصِهِ، بَطَل حَقُّهُ فِيهِ، وَإِنْ تَرَكَ مَتَاعَهُ فِيهِ، أَوْ أَجْلَسَ شَخْصًا فِيهِ لِيَحْفَظَ لَهُ الْمَكَانَ، لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ إِزَالَةُ مَتَاعِهِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ قَامَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ وُضُوءٍ لَمْ يَبْطُل حَقُّهُ.
وَكِلاَ الْمَذْهَبَيْنِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) لاَ يُجِيزُ إِطَالَةَ الْجُلُوسِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ أَطَال أُزِيل عَنْهُ، لأَِنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُتَمَلِّكِ، يَخْتَصُّ بِنَفْعٍ يُسَاوِيهِ فِيهِ غَيْرُهُ، وَحَدَّدَ الْمَالِكِيَّةُ طُول الْمُقَامِ بِيَوْمٍ كَامِلٍ (3) .
وَإِنْ جَلَسَ لاِسْتِرَاحَةٍ، أَوْ حَدِيثٍ، وَنَحْوِ
__________
(1) حديث: " من قام من مجلسه. . . ". أخرجه مسلم (4 / 1715) من حديث أبي هريرة.
(2) نهاية المحتاج 5 / 341، أسنى المطالب 2 / 450، حاشية الجمل 3 / 570.
(3) كشاف القناع 4 / 166، حاشية الدسوقي 3 / 368.

الصفحة 349