كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

التَّحَرُّزِ مِنْ إِدْخَال الْمُفْطِرِ جَوْفَهُ وَدِمَاغَهُ.
قَال الشَّرَنْبَلاَلِيُّ: هَذَا مِمَّا يَغْفُل عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَلْيُنَبَّهْ لَهُ، وَلاَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَشَمِّ الْوَرْدِ وَالْمِسْكِ، لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ هَوَاءٍ تَطَيَّبَ بِرِيحِ الْمِسْكِ وَشَبَهِهِ، وَبَيْنَ جَوْهَرِ دُخَانٍ وَصَل إِلَى جَوْفِهِ بِفِعْلِهِ (1)
ج - بُخَارُ الْقِدْرِ:
47 - بُخَارُ الْقِدْرِ، مَتَى وَصَل لِلْحَلْقِ بِاسْتِنْشَاقٍ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ، لأَِنَّ دُخَانَ الْبَخُورِ وَبُخَارَ الْقِدْرِ كُلٌّ مِنْهُمَا جِسْمٌ يَتَكَيَّفُ بِهِ الدِّمَاغُ، وَيَتَقَوَّى بِهِ، أَيْ تَحْصُل لَهُ قُوَّةٌ كَالَّتِي تَحْصُل مِنَ الأَْكْل، أَمَّا لَوْ وَصَل وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلْحَلْقِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ.
هَذَا بِخِلاَفِ دُخَانِ الْحَطَبِ، فَإِنَّهُ لاَ قَضَاءَ فِي وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ، وَلَوْ تَعَمَّدَ اسْتِنْشَاقَهُ، لأَِنَّهُ لاَ يَحْصُل لِلدِّمَاغِ بِهِ قُوَّةٌ كَالَّتِي تَحْصُل لَهُ مِنَ الأَْكْل (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ فَتَحَ فَاهُ عَمْدًا حَتَّى دَخَل الْغُبَارُ فِي جَوْفِهِ، لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الأَْصَحِّ (3) .
__________
(1) مراقي الفلاح ص 361 و 362، والدر المختار ورد المحتار 2 / 97.
(2) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 525.
(3) حواشي تحفة المحتاج 3 / 401، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 56، 57، وانظر حاشية البجيرمي على شرح الشربيني الخطيب المسمى بالإقناع 2 / 329. والمغني 3 / 40، 41، وكشاف القناع 2 / 320 و 321.
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ الإِْفْطَارُ بِابْتِلاَعِ غَرْبَلَةِ الدَّقِيقِ وَغُبَارِ الطَّرِيقِ، إِنْ تَعَمَّدَهُ.

د - التَّدْخِينُ:
48 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ شُرْبَ الدُّخَانِ الْمَعْرُوفِ أَثْنَاءَ الصَّوْمِ يُفْسِدُ الصِّيَامَ، لأَِنَّهُ مِنَ الْمُفْطِرَاتِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَبَغ) الْمَوْسُوعَة الْفِقْهِيَّة 10 فِقْرَة 30.

هـ - التَّقْطِيرُ فِي الأُْذُنِ:
49 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى فَسَادِ الصَّوْمِ بِتَقْطِيرِ الدَّوَاءِ أَوِ الدُّهْنِ أَوِ الْمَاءِ فِي الأُْذُنِ.
فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجِبُ الإِْمْسَاكُ عَمَّا يَصِل إِلَى الْحَلْقِ، مِمَّا يَنْمَاعُ أَوْ لاَ يَنْمَاعُ.
وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ الْوَاصِل إِلَى الْحَلْقِ مُفَطِّرٌ وَلَوْ لَمْ يُجَاوِزْهُ، إِنْ وَصَل إِلَيْهِ، وَلَوْ مِنْ أَنْفٍ أَوْ أُذُنٍ أَوْ عَيْنٍ نَهَارًا (1) .
وَتَوْجِيهُهُ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ وَاصِلٌ مِنْ أَحَدِ الْمَنَافِذِ الْوَاسِعَةِ فِي الْبَدَنِ، وَهِيَ: الْفَمُ وَالأَْنْفُ وَالأُْذُنُ، وَأَنَّ كُل مَا وَصَل إِلَى الْمَعِدَةِ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ - مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْمَنْفَذُ وَاسِعًا أَمْ ضَيِّقًا. وَأَنَّهُ لاَ تَفْرِقَةَ
__________
(1) جواهر الإكليل 1 / 149.

الصفحة 36