كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

شَيْئًا، قَال مَالِكٌ: وَإِنِ احْتَقَنَ بِشَيْءٍ يَصِل إِلَى جَوْفِهِ، فَأَرَى عَلَيْهِ الْقَضَاءَ، قَال ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (1) .
وَيَبْدُو مَعَ ذَلِكَ تَلْخِيصًا أَنَّ لِلْمَالِكِيَّةِ فِي الْحُقْنَةِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ: الإِْفْطَارُ بِالْحُقْنَةِ الْمَائِعَةِ.
الثَّانِيَ: أَنَّ الْحُقْنَةَ تُفْطِرُ مُطْلَقًا.
الثَّالِثُ: أَنَّهَا لاَ تُفْطِرُ، وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ، لأَِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصِل إِلَى الْمَعِدَةِ، وَلاَ مَوْضِعَ يَتَصَرَّفُ مِنْهُ مَا يُغَذِّي الْجِسْمَ بِحَالٍ.
الرَّابِعُ: أَنَّ اسْتِعْمَال الْحُقْنَةِ مَكْرُوهٌ. قَال ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَانَ مَنْ مَضَى مِنَ السَّلَفِ وَأَهْل الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ التَّعَالُجَ بِالْحَقْنِ إِلاَّ مِنْ ضَرُورَةٍ غَالِبَةٍ، لاَ تُوجَدُ عَنِ التَّعَالُجِ بِهَا مَنْدُوحَةٌ، فَلِهَذَا اسْتُحِبَّ قَضَاءُ الصَّوْمِ بِاسْتِعْمَالِهَا (2) .

ح - الْحُقْنَةُ الْمُتَّخَذَةُ فِي مَسَالِكِ الْبَوْل:
وَيُعَبِّرُ عَنْ هَذَا الشَّافِعِيَّةُ بِالتَّقْطِيرِ، وَلاَ يُسَمُّونَهُ احْتِقَانًا (3) وَفِيهِ هَذَا التَّفْصِيل:
__________
(1) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه (1 / 524، والمدونة الكبرى 1 / 197، ط: دار صادر. بيروت) .
(2) انظر القوانين الفقهية ص 80، ومواهب الجليل للحطاب 2 / 424.
(3) انظر حاشية البيجوري 1 / 303.
الأَْوَّل: التَّقْطِيرُ فِي الإِْحْلِيل، أَيِ الذَّكَرِ:
52 - فِي التَّقْطِيرِ أَقْوَالٌ: فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَى أَنَّهُ لاَ يُفْطِرُ، سَوَاءٌ أَوَصَل إِلَى الْمَثَانَةِ أَمْ لَمْ يَصِل، لأَِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ بَاطِنِ الذَّكَرِ وَبَيْنَ الْجَوْفِ مَنْفَذٌ، وَإِنَّمَا يَمُرُّ الْبَوْل رَشْحًا، فَالَّذِي يَتْرُكُهُ فِيهِ لاَ يَصِل إِلَى الْجَوْفِ، فَلاَ يُفْطِرُ، كَالَّذِي يَتْرُكُهُ فِي فِيهِ وَلاَ يَبْتَلِعُهُ (1) ، وَقَال الْمَوَّاقُ: هُوَ أَخَفُّ مِنَ الْحُقْنَةِ (2) .
وَقَال الْبُهُوتِيُّ: لَوْ قَطَّرَ فِيهِ، أَوْ غَيَّبَ فِيهِ شَيْئًا فَوَصَل إِلَى الْمَثَانَةِ لَمْ يَبْطُل صَوْمُهُ (3) .
وَلِلشَّافِعِيَّةِ - مَعَ ذَلِكَ - فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ:
أَحَدُهَا: إِذَا قَطَّرَ فِيهِ شَيْئًا لَمْ يَصِل إِلَى الْمَثَانَةِ لَمْ يُفْطِرْ، وَهَذَا أَصَحُّهَا، لأَِنَّهُ - كَمَا قَال الْمَحَلِّيُّ - فِي جَوْفٍ غَيْرِ مُحِيلٍ.
الثَّانِي: لاَ يُفْطِرُ.
الثَّالِثُ: إِنْ جَاوَزَ الْحَشَفَةَ أَفْطَرَ، وَإِلاَّ لاَ (4) .
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ يُفْطِرُ إِذَا وَصَل
__________
(1) انظر تبيين الحقائق 1 / 330، والفتاوى الهندية 1 / 204، والقوانين الفقهية ص 80، والمغني 3 / 42.
(2) التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 2 / 424.
(3) الروض المربع 1 / 140.
(4) روضة المفتين 2 / 357، وانظر الإقناع 2 / 330.

الصفحة 40