كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

إِلَى الْمَثَانَةِ، أَمَّا مَا دَامَ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ فَلاَ يُفْسِدُ (1) .

الثَّانِي: التَّقْطِيرُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ:
53 - الأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَنْصُوصُ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - الَّذِينَ نَصُّوا عَلَى الإِْحْلِيل فَقَطْ - هُوَ فَسَادُ الصَّوْمِ بِهِ، وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْحُقْنَةِ (2) .
وَوَجْهُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، اسْتِجْمَاعُ شَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنَ الْمَنْفَذِ السَّافِل الْوَاسِعِ،
وَالآْخَرُ: الاِحْتِقَانُ بِالْمَائِعِ.
وَقَدْ نَصَّ الدَّرْدِيرُ عَلَى الإِْفْطَارِ بِهِ، وَنَصَّ الدُّسُوقِيُّ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمُقَابِلُهُ مَا لاِبْنِ حَبِيبٍ مِنِ اسْتِحْبَابِ الْقَضَاءِ، بِسَبَبِ الْحُقْنَةِ مِنَ الْمَائِعِ الْوَاصِلَةِ إِلَى الْمَعِدَةِ، مِنَ الدُّبُرِ أَوْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ، كَمَا نَصَّ الدَّرْدِيرُ عَلَى أَنَّ الاِحْتِقَانَ بِالْجَامِدِ لاَ قَضَاءَ فِيهِ، وَلاَ فِي الْفَتَائِل الَّتِي عَلَيْهَا دُهْنٌ (3) .
__________
(1) مراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه ص 362، وتبيين الحقائق 1 / 330.
(2) فتح القدير 2 / 267، وتبيين الحقائق 1 / 330، ومراقي الفلاح (370) والفتاوى الهندية 1 / 204، وانظر الإقناع 2 / 330، وحاشية القليوبي وعميرة على شرح المحلي 2 / 56، والروض المربع 1 / 140.
(3) الشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي عليه 1 / 524.
رَابِعًا: التَّقْصِيرُ فِي حِفْظِ الصَّوْمِ وَالْجَهْل بِهِ:
الأَْوَّل: التَّقْصِيرُ:
54 - أ - مِنْ صُوَرِ التَّقْصِيرِ مَا لَوْ تَسَحَّرَ أَوْ جَامَعَ، ظَانًّا عَدَمَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْحَال أَنَّ الْفَجْرَ طَالِعٌ، فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَذَلِكَ لِلشُّبْهَةِ، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ اللَّيْل، وَالْجِنَايَةُ قَاصِرَةٌ، وَهِيَ جِنَايَةُ عَدَمِ التَّثَبُّتِ، لاَ جِنَايَةُ الإِْفْطَارِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ، وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِعَدَمِ الإِْثْمِ عَلَيْهِ.
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - أَنَّهُ لاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ (1) .
وَإِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ، لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - وَقِيل: يَقْضِي احْتِيَاطًا. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا أَفْطَرَ بِظَنِّ الْغُرُوبِ، وَالْحَال أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ - عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ النَّهَارِ، وَابْنُ نُجَيْمٍ فَرَّعَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ عَلَى قَاعِدَةِ: الْيَقِينُ لاَ يَزُول بِالشَّكِّ (2) .
__________
(1) الإنصاف 3 / 311.
(2) انظر الأشباه والنظائر (ص 58 ط بيروت) ، ومراقي الفلاح ص 369، والدر المختار ورد المحتار 2 / 104 و 105، والبدائع 2 / 100، وجواهر الإكليل 1 / 150، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 1 / 526، والقوانين الفقهية ص 81، وروضة الطالبين 2 / 363، وشرح المحلي على المنهاج 20 / 59.

الصفحة 41