كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ، لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِلاَ خِلاَفٍ (1) .
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِي يَوْمٍ رَأَى الْهِلاَل فِي لَيْلَتِهِ، وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِفِسْقِهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، لأَِنَّهُ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ، فَلَزِمَتْهُ كَمَا لَوْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ.
وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِرُؤْيَةِ الْهِلاَل إِلاَّ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ، أَوْ أَكَل عَامِدًا، ثُمَّ جَامَعَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ الزَّمَنِ بِهِ، وَلأَِنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَدِيمِ لِلْوَطْءِ، وَلاَ صَوْمَ هُنَاكَ، فَكَذَا هُنَا (2) .

الثَّانِي: الْجَهْل:
54 - ب - الْجَهْل: عَدَمُ الْعِلْمِ بِمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ.
فَالْجُمْهُورُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، عَلَى إِعْذَارِ حَدِيثِ الْعَهْدِ بِالإِْسْلاَمِ، إِذَا جَهِل الصَّوْمَ فِي رَمَضَانَ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: يُعْذَرُ مَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَمْ يَصُمْ، وَلَمْ يُصَل، وَلَمْ يُزَكِّ بِجَهْلِهِ بِالشَّرَائِعِ مُدَّةَ جَهْلِهِ؛ لأَِنَّ الْخِطَابَ إِنَّمَا يَلْزَمُ بِالْعِلْمِ بِهِ أَوْ بِدَلِيلِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ، إِذْ لاَ دَلِيل عِنْدَهُ عَلَى فَرْضِ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ (3) .
__________
(1) شرح المحلي على المنهاج 2 / 70 و 71، والمجموع 6 / 344.
(2) كشاف القناع 2 / 326، والروض المربع 1 / 142.
(3) مراقي الفلاح ص 243.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ جَهِل تَحْرِيمَ الطَّعَامِ أَوِ الْوَطْءِ، بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالإِْسْلاَمِ، أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنِ الْعُلَمَاءِ، لَمْ يُفْطِرْ، كَمَا لَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْقَيْءُ (1) .
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الْجَاهِل بِأَحْكَامِ الصِّيَامِ لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ هُوَ كَالْعَامِدِ.
وَقَسَّمَ الدُّسُوقِيُّ الْجَاهِل إِلَى ثَلاَثَةٍ: فَجَاهِل حُرْمَةِ الْوَطْءِ، وَجَاهِل رَمَضَانَ، لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا، وَجَاهِل وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ - مَعَ عِلْمِهِ بِحُرْمَةِ الْفِعْل - تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ (2) .
وَأَطْلَقَ الْحَنَابِلَةُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ، كَمَا قَرَّرَ بَعْضٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَصَرَّحُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالْجَاهِل وَالْمُكْرَهِ وَالسَّاهِي وَالْمُخْطِئِ (3) .

خَامِسًا: عَوَارِضُ الإِْفْطَارِ:
55 - الْمُرَادُ بِالْعَوَارِضِ: مَا يُبِيحُ عَدَمَ الصَّوْمِ.
وَهِيَ: الْمَرَضُ، وَالسَّفَرُ، وَالْحَمْل، وَالرَّضَاعُ، وَالْهَرَمُ، وَإِرْهَاقُ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَالإِْكْرَاهُ (4) .
__________
(1) الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 2 / 330.
(2) شرح رسالة أبي زيد، وحاشية العدوي عليه 1 / 400، وجواهر الإكليل 1 / 150.
(3) كشاف القناع 2 / 324، والمغني والشرح الكبير 3 / 54، والروض المربع 1 / 141 و 142.
(4) مراقي الفلاح ص 373.

الصفحة 44