كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

زِيَادَةَ الْمَرَضِ، فَلاَ يُفْطِرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، خِلاَفًا لاِبْنِ سِيرِينَ (1) .
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَصْبَحَ الصَّحِيحُ صَائِمًا، ثُمَّ مَرِضَ، جَازَ لَهُ الْفِطْرُ بِلاَ خِلاَفٍ، لأَِنَّهُ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ لِلضَّرُورَةِ، وَالضَّرُورَةُ مَوْجُودَةٌ، فَجَازَ لَهُ الْفِطْرُ (2) .

ثَانِيًا: السَّفَرُ:
57 - يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الْمُرَخِّصِ فِي الْفِطْرِ مَا يَلِي:
أ - أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ طَوِيلاً مِمَّا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلاَةُ قَال ابْنُ رُشْدٍ: وَأَمَّا الْمَعْنَى الْمَعْقُول مِنْ إِجَازَةِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ فَهُوَ الْمَشَقَّةُ، وَلَمَّا كَانَتْ لاَ تُوجَدُ فِي كُل سَفَرٍ، وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ الْفِطْرُ فِي السَّفَرِ الَّذِي فِيهِ الْمَشَقَّةُ، وَلَمَّا كَانَ الصَّحَابَةُ كَأَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى الْحَدِّ فِي ذَلِكَ، وَجَبَ أَنْ يُقَاسَ ذَلِكَ عَلَى الْحَدِّ فِي تَقْصِيرِ الصَّلاَةِ (3) .
ب - أَنْ لاَ يَعْزِمَ الْمُسَافِرُ الإِْقَامَةَ خِلاَل سَفَرِهِ مُدَّةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهِيَ نِصْفُ شَهْرٍ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (4) .
__________
(1) القوانين الفقهية ص 82.
(2) المجموع 6 / 258، وانظر كشاف القناع 2 / 310.
(3) بداية المجتهد 1 / 346.
(4) الدر المختار 1 / 528، ومراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي عليه ص 231، والقوانين الفقهية ص 59، وشرح المحلي على المنهاج 1 / 257، والروض المربع 1 / 89.
ج - أَنْ لاَ يَكُونَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ، بَل فِي غَرَضٍ صَحِيحٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْفِطْرَ رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ، فَلاَ يَسْتَحِقُّهَا عَاصٍ بِسَفَرِهِ، بِأَنْ كَانَ مَبْنَى سَفَرِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، كَمَا لَوْ سَافَرَ لِقَطْعِ طَرِيقٍ مَثَلاً.
وَالْحَنَفِيَّةُ يُجِيزُونَ الْفِطْرَ لِلْمُسَافِرِ، وَلَوْ كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، عَمَلاً بِإِطْلاَقِ النُّصُوصِ الْمُرَخِّصَةِ، وَلأَِنَّ نَفْسَ السَّفَرِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، وَإِنَّمَا الْمَعْصِيَةُ مَا يَكُونُ بَعْدَهُ أَوْ يُجَاوِرُهُ، وَالرُّخْصَةُ تَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ لاَ بِالْمَعْصِيَةِ (1) .
د - أَنْ يُجَاوِزَ الْمَدِينَةَ وَمَا يَتَّصِل بِهَا، وَالْبِنَاءَاتِ وَالأَْفْنِيَةَ وَالأَْخْبِيَةَ (2) .
وَذَهَبَ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ، إِلَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ هِلاَل رَمَضَانَ وَهُوَ مُقِيمٌ، ثُمَّ سَافَرَ، جَازَ لَهُ الْفِطْرُ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَل مُطْلَقَ السَّفَرِ سَبَبَ الرُّخْصَةِ، بِقَوْلِهِ: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (3) ، وَلِمَا ثَبَتَ مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) تبيين الحقائق 1 / 216، والدر المختار ورد المحتار 1 / 527، ومراقي الفلاح ص 230، والقوانين الفقهية ص 59، وحاشية البيجوري على ابن قاسم 1 / 210، والروض المربع 1 / 89.
(2) رد المحتار 2 / 115، والشرح الكبير للدردير 1 / 534، ومنح الجليل 1 / 409، والمجموع 6 / 261، وكشاف القناع 2 / 312، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 535.
(3) سورة البقرة / 185.

الصفحة 47