كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

مُسْتَأْجَرَةً لإِِرْضَاعِ غَيْرِ وَلَدِهَا، فِي رَمَضَانَ أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنَّ فِطْرَهَا جَائِزٌ، عَلَى الظَّاهِرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، بَل لَوْ كَانَتْ مُتَبَرِّعَةً وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا، أَوْ مِنْ زِنًا، جَازَ لَهَا الْفِطْرُ مَعَ الْفِدْيَةِ (1) .
وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، كَابْنِ الْكَمَال وَالْبَهْنَسِيِّ: تُقَيَّدُ الْمُرْضِعُ بِمَا إِذَا تَعَيَّنَتْ لِلإِْرْضَاعِ، كَالظِّئْرِ بِالْعَقْدِ، وَالأُْمِّ بِأَنْ لَمْ يَأْخُذْ ثَدْيَ غَيْرِهَا، أَوْ كَانَ الأَْبُ مُعْسِرًا، لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ خِلاَفُهُ، وَأَنَّ الإِْرْضَاعَ وَاجِبٌ عَلَى الأُْمِّ دِيَانَةً مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ، وَقَضَاءً إِذَا كَانَ الأَْبُ مُعْسِرًا، أَوْ كَانَ الْوَلَدُ لاَ يَرْضَعُ مِنْ غَيْرِهَا.
وَأَمَّا الظِّئْرُ فَلأَِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ فِي رَمَضَانَ، خِلاَفًا لِمَنْ قَيَّدَ الْحِل بِالإِْجَارَةِ قَبْل رَمَضَانَ (2) .
كَمَا قَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَالْغَزَالِيِّ: يُقَيَّدُ فِطْرُ الْمُرْضِعِ، بِمَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَأْجَرَةً لإِِرْضَاعِ غَيْرِ وَلَدِهَا، أَوْ لَمْ تَكُنْ مُتَبَرِّعَةً، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْمُصَحَّحَ عِنْدَهُمْ خِلاَفُهُ، قِيَاسًا عَلَى السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِي جَوَازِ الإِْفْطَارِ بِهِ مَنْ سَافَرَ
__________
(1) الدر المختار 2 / 116، وحاشية القليوبي على شرح المحلي 2 / 68.
(2) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 374، والدر المختار ورد المحتار عليه 2 / 116.
لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَغَرَضِ غَيْرِهِ، بِأُجْرَةٍ وَغَيْرِهَا (1) .

رَابِعًا: الشَّيْخُوخَةُ وَالْهَرَمُ:
63 - وَتَشْمَل الشَّيْخُوخَةُ وَالْهَرَمُ مَا يَلِي: -
الشَّيْخَ الْفَانِيَ، وَهُوَ الَّذِي فَنِيَتْ قُوَّتُهُ، أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْفَنَاءِ، وَأَصْبَحَ كُل يَوْمٍ فِي نَقْصٍ إِلَى أَنْ يَمُوتَ.
الْمَرِيضَ الَّذِي لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَتَحَقَّقَ الْيَأْسُ مِنْ صِحَّتِهِ.
الْعَجُوزَ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْمُسِنَّةُ.
قَال الْبُهُوتِيُّ: الْمَرِيضُ الَّذِي لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ فِي حُكْمِ الْكَبِيرِ (2) .
وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ عَجْزَ الشَّيْخُوخَةِ وَالْهَرَمِ، بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَمِرًّا، فَلَوْ لَمْ يَقْدِرَا عَلَى الصَّوْمِ لِشِدَّةِ الْحَرِّ مَثَلاً، كَانَ لَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا، وَيَقْضِيَاهُ فِي الشِّتَاءِ (3) .
وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُمَا الصَّوْمُ، وَنَقَل ابْنُ الْمُنْذِرِ الإِْجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ لَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا، إِذَا كَانَ الصَّوْمُ يُجْهِدُهُمَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا مَشَقَّةً شَدِيدَةً.
قَال ابْنُ جُزَيٍّ: إِنَّ الشَّيْخَ وَالْعَجُوزَ الْعَاجِزَيْنِ عَنِ الصَّوْمِ، يَجُوزُ لَهُمَا الْفِطْرُ
__________
(1) شرح المحلي على المنهاج 2 / 68، والمجموع 6 / 268.
(2) رد المحتار 2 / 119، وحاشية البجيرمي على الإقناع 2 / 344، والمجموع 6 / 258، والروض المربع 1 / 138.
(3) رد المحتار 2 / 119 نقلا عن فتح القدير.

الصفحة 55