كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

الصَّوْمِ مُطْلَقًا، بِابْتِلاَعِ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ؛ لأَِنَّ الْفَمَ لَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ، وَلِهَذَا لاَ يَفْسُدُ صَوْمُهُ بِالْمَضْمَضَةِ - كَمَا قَال الْمَرْغِينَانِيُّ - وَلَوْ أَكَل الْقَلِيل مِنْ خَارِجِ فَمِهِ أَفْطَرَ، فَكَذَا إِذَا أَكَل مِنْ فَمِهِ.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ آخَرُ بِعَدَمِ الإِْفْطَارِ بِهِ مُطْلَقًا.
وَشَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لِعَدَمِ الإِْفْطَارِ بِابْتِلاَعِ مَا بَيْنَ الأَْسْنَانِ شَرْطَيْنِ:
أَوَّلَهُمَا: أَنْ لاَ يَقْصِدَ ابْتِلاَعَهُ.
وَالآْخَرَ: أَنْ يَعْجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ؛ لأَِنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ غَيْرُ مُفَرِّطٍ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا أَفْطَرَ، وَلَوْ كَانَ دُونَ الْحِمَّصَةِ، لأَِنَّهُ لاَ مَشَقَّةَ فِي لَفْظِهِ، وَالتَّحَرُّزُ عَنْهُ مُمْكِنٌ.
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ: عَدَمُ الإِْفْطَارِ بِمَا سَبَقَ إِلَى جَوْفِهِ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ، وَلَوْ عَمْدًا؛ لأَِنَّهُ أَخَذَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ فِيهِ - كَمَا يَقُول الدُّسُوقِيُّ - وَقِيل: لاَ يُفْطِرُ، إِلاَّ إِنْ تَعَمَّدَ بَلْعَهُ فَيُفْطِرُ، أَمَّا لَوْ سَبَقَ إِلَى جَوْفِهِ فَلاَ يُفْطِرُ (1) .
__________
(1) الدر المختار ورد المحتار 2 / 98 و 112، وشروح الهداية 2 / 258، وفيها أقوال أخرى، وهذا اختيار المرغيناني، وانظر المحلي على المنهاج 2 / 57، والإقناع 2 / 329، وكشاف القناع 2 / 321، وروضة الطالبين 2 / 361، والمغني والشرح الكبير 3 / 42 و 43، والقوانين الفقهية ص 80.
ثَامِنًا: دَمُ اللِّثَةِ وَالْبُصَاقِ:
78 - لَوْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ، فَدَخَل رِيقُهُ حَلْقَهُ مَخْلُوطًا بِالدَّمِ، وَلَمْ يَصِل إِلَى جَوْفِهِ، لاَ يُفْطِرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ الدَّمُ غَالِبًا عَلَى الرِّيقِ، لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ أَوْ مَا يَبْقَى مِنْ أَثَرِ الْمَضْمَضَةِ، أَمَّا لَوْ وَصَل إِلَى جَوْفِهِ، فَإِنْ غَلَبَ الدَّمُ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلاَ كَفَّارَةَ، وَإِنْ غَلَبَ الْبُصَاقُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا، فَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَفْسُدَ وَفِي الاِسْتِحْسَانِ يَفْسُدُ احْتِيَاطًا (1) .
وَلَوْ خَرَجَ الْبُصَاقُ عَلَى شَفَتَيْهِ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ، فَسَدَ صَوْمُهُ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: تَرَطَّبَتْ شَفَتَاهُ بِبُزَاقِهِ، عِنْدَ الْكَلاَمِ وَنَحْوِهِ، فَابْتَلَعَهُ، لاَ يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ (2) .
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الإِْفْطَارُ بِابْتِلاَعِ الرِّيقِ الْمُخْتَلِطِ بِالدَّمِ، لِتَغَيُّرِ الرِّيقِ، وَالدَّمُ نَجِسٌ لاَ يَجُوزُ ابْتِلاَعُهُ وَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ بَلَعَ شَيْئًا نَجِسًا لاَ يُفْطِرُ، إِذْ لاَ فِطْرَ بِبَلْعِ رِيقِهِ الَّذِي لَمْ تُخَالِطْهُ النَّجَاسَةُ (3) .
__________
(1) البدائع 2 / 99، والدر المختار ورد المحتار 2 / 98، وروضة الطالبين 2 / 359، وكشاف القناع 2 / 328.
(2) ومراقي الفلاح ص 362.
(3) روضة الطالبين 2 / 359، وكشاف القناع 2 / 329.

الصفحة 64