كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

81 - أَمَّا الاِسْتِقَاءَةُ، وَهِيَ: اسْتِخْرَاجُ مَا فِي الْجَوْفِ عَمْدًا، أَوْ هِيَ: تَكَلُّفُ الْقَيْءِ (1) فَإِنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِلصَّوْمِ مُوجِبَةٌ لِلْقَضَاءِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي الْكَفَّارَةِ (2) .
وَرُوِيَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ لاَ يُفْطِرُ بِالاِسْتِقَاءَةِ إِلاَّ بِمِلْءِ الْفَمِ، قَال ابْنُ عَقِيلٍ: وَلاَ وَجْهَ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ عِنْدِي (3) .
وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي الاِسْتِقَاءَةِ:
أ - فَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا، وَالصَّائِمُ مُتَذَكِّرٌ لِصَوْمِهِ، غَيْرُ نَاسٍ، وَالْقَيْءُ مِلْءُ فَمِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَالْقِيَاسُ مَتْرُوكٌ بِهِ، وَلاَ كَفَّارَةَ فِيهِ لِعَدَمِ صُورَةِ الْفِطْرِ.
ب - وَإِنْ كَانَ أَقَل مِنْ مِلْءِ الْفَمِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، يَفْسُدُ صَوْمُهُ، لإِِطْلاَقِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لاَ يَفْسُدُ؛ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ حُكْمًا، قَالُوا: وَهُوَ الصَّحِيحُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَفْسُدْ عِنْدَهُ، لِعَدَمِ سَبْقِ الْخُرُوجِ، وَإِنْ أَعَادَهُ فَعَنْهُ: أَنَّهُ لاَ يَفْسُدُ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ، وَهِيَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ
__________
(1) المصباح المنير ومختار الصحاح والنهاية في غريب الحديث مادة: قيء.
(2) القوانين الفقهية ص 81، والإجماع لابن المنذر ص 53، (ط دار طيبة الرياض) وانظر المجموع 6 / 320، والإنصاف 3 / 300، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 55.
(3) الإنصاف 3 / 300.
هَذَا كُلَّهُ إِذَا كَانَ الْقَيْءُ طَعَامًا، أَوْ مُرَّةً فَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ بَلْغَمًا، فَغَيْرُ مُفْسِدٍ لِلصَّوْمِ، عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ (1) .

حَادِيَ عَشَرَ: طُلُوعُ الْفَجْرِ فِي حَالَةِ الأَْكْل أَوِ الْجِمَاعِ:
82 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَفِي فِيهِ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فَلْيَلْفِظُهُ، وَيَصِحُّ صَوْمُهُ. فَإِنِ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ، وَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِيمَنْ أَكَل أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ الصَّوْمَ، صَحَّ صَوْمُهُ إِنْ بَادَرَ إِلَى لَفْظِهِ. وَإِنْ سَبَقَ شَيْءٌ إِلَى جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، فَلاَ يُفْطِرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: إِذَا وَصَل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَى جَوْفِهِ - وَلَوْ غَلَبَهُ - أَفْطَرَ (2) .
وَإِذَا نَزَعَ، وَقَطَعَ الْجِمَاعَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْحَال فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ - وَأَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلْمَالِكِيَّةِ - لاَ يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَقَيَّدَهُ الْقَلْيُوبِيُّ بِأَنْ لاَ يَقْصِدَ اللَّذَّةَ بِالنَّزْعِ، وَإِلاَّ بَطَل صَوْمُهُ، حَتَّى لَوْ أَمْنَى بَعْدَ النَّزْعِ، لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَصَوْمُهُ صَحِيحٌ، لأَِنَّهُ كَالاِحْتِلاَمِ - كَمَا
__________
(1) الهداية وشروحها 2 / 260، وانظر الدر المختار ورد المحتار عليه 2 / 111، ومراقي الفلاح ص 362، وفتح القدير 2 / 260.
(2) الإنصاف 3 / 370، وحاشية الدسوقي 1 / 525، روضة الطالبين 2 / 364، الدر المختار ورد المحتار عليه 2 / 99.

الصفحة 67