كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 28)

يَقُول الْحَنَفِيَّةُ - وَلِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ - كَمَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ (1) .
وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ لَوْ نَزَعَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَمْنَى حَال الطُّلُوعِ - لاَ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ - فَلاَ قَضَاءَ؛ لأَِنَّ الَّذِي بَعْدَهُ مِنَ النَّهَارِ وَالَّذِي قَبْلَهُ مِنَ اللَّيْل، وَالنَّزْعُ لَيْسَ وَطْئًا (2) .
وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ هُوَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ.
وَسَبَبُ هَذَا الاِخْتِلاَفِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ أَنَّهُ: هَل يُعَدُّ النَّزْعُ جِمَاعًا، أَوْ لاَ يُعَدُّ جِمَاعًا؟ وَلِهَذَا قَالُوا: مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ - وَهُوَ يُجَامِعُ - فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَقِيل: وَالْكَفَّارَةُ (3) .
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ النَّزْعَ جِمَاعٌ، فَمَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ فَنَزَعَ فِي الْحَال، مَعَ أَوَّل طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، لأَِنَّهُ يَلْتَذُّ بِالنَّزْعِ، كَمَا يَلْتَذُّ بِالإِْيلاَجِ، كَمَا لَوِ اسْتَدَامَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ (4) .
وَلَوْ مَكَثَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مُجَامِعًا، بَطَل صَوْمُهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ.
وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْمُكْثِ وَالْبَقَاءِ، فِي
__________
(1) حاشية القليوبي على شرح المحلي 2 / 59، والدر المختار 2 / 99، والبدائع 2 / 94.
(2) جواهر الإكليل 2 / 152.
(3) القوانين الفقهية ص 81.
(4) كشاف القناع 2 / 325.
هَذِهِ الْحَال، خِلاَفٌ:
فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ؛ لأَِنَّهَا تَجِبُ بِإِفْسَادِ الصَّوْمِ، وَالصَّوْمُ مُنْتَفٍ حَال الْجِمَاعِ فَاسْتَحَال إِفْسَادُهُ، فَلَمْ تَجِبِ الْكَفَّارَةُ. أَوْ كَمَا قَال النَّوَوِيُّ: لأَِنَّ مُكْثَهُ مَسْبُوقٌ بِبُطْلاَنِ الصَّوْمِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ (1) .

مَكْرُوهَاتُ الصَّوْمِ:
83 - يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ بِوَجْهِ عَامٍّ - مَعَ الْخِلاَفِ - مَا يَلِي:
أ - ذَوْقُ شَيْءٍ بِلاَ عُذْرٍ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ الصَّوْمِ لِلْفَسَادِ، وَلَوْ كَانَ الصَّوْمُ نَفْلاً، عَلَى الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ يَحْرُمُ إِبْطَال النَّفْل بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَظَاهِرُ إِطْلاَقِ الْكَرَاهَةِ يُفِيدُ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ.
وَمِنَ الْعُذْرِ مَضْغُ الطَّعَامِ لِلْوَلَدِ، إِذَا لَمْ تَجِدِ الأُْمُّ مِنْهُ بُدًّا، فَلاَ بَأْسَ بِهِ، وَيُكْرَهُ إِذَا كَانَ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ.
وَلَيْسَ مِنَ الْعُذْرِ، ذَوْقُ اللَّبَنِ وَالْعَسَل لِمَعْرِفَةِ الْجَيِّدِ مِنْهُ وَالرَّدِيءِ عِنْدَ الشِّرَاءِ، فَيُكْرَهُ ذَلِكَ. وَكَذَا ذَوْقُ الطَّعَامِ، لِيُنْظَرَ اعْتِدَالُهُ،
__________
(1) الدر المختار ورد المحتار عليه 2 / 99، وروضة الطالبين 2 / 364 و 365، وحاشية القليوبي على شرح المحلي على المنهاج 2 / 59.

الصفحة 68