كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 29)

النَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ. . وَرَوَى أَبُو الْحَارِثِ عَنْ أَحْمَدَ: إِذَا عَقَل الطَّلاَقَ جَازَ طَلاَقُهُ مَا بَيْنَ عَشْرٍ إِلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ لاَ يَقَعُ لِدُونِ الْعَشْرِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، لأَِنَّ الْعَشْرَ حَدُّ الضَّرْبِ عَلَى الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ، فَكَذَلِكَ هَذَا، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: إِذَا أَحْصَى الصَّلاَةَ وَصَامَ رَمَضَانَ جَازَ طَلاَقُهُ، وَقَال عَطَاءٌ: إِذَا بَلَغَ أَنْ يُصِيبَ النِّسَاءَ وَعَنِ الْحَسَنِ: إِذَا عَقَل وَحَفِظَ الصَّلاَةَ وَصَامَ رَمَضَانَ وَقَال إِسْحَاقُ: إِذَا جَاوَزَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ (1) .

الشَّرْطُ الثَّالِثُ - الْعَقْل:
17 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ (2) إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ طَلاَقِ الْمَجْنُونِ (3) وَالْمَعْتُوهِ (4) لِفِقْدَانِ أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ فِي الأَْوَّل، وَنُقْصَانِهَا فِي
__________
(1) المغني 7 / 312 - 315.
(2) الدر المختار 3 / 230 و 243 و 235، ومغني المحتاج 3 / 279، والمغني 7 / 311، والشرح الكبير 2 / 365.
(3) عرف ابن عابدين الجنون نقلا عن التلويح فقال: قال في التلويح: الجنون اختلال القوة المميزة بين الأمور الحسنة والقبيحة، المدركة للعواقب، بأن لا تظهر آثارها وتتعطل أفعالها، إما لنقصان. . . جبل عليه دماغه في أصل الخلقة، وإما لخروج مزاج الدماغ عن الاعتدال ب
(4) عرف ابن عابدين المعتوه بقوله: هو القليل الفهم، المختلط الكلام، الفاسد التدبير، لكن لا يضرب ولا يشتم بخلاف المجنون (ابن عابدين 3 / 243) .
الثَّانِي، فَأَلْحَقُوهُمَا بِالصَّغِيرِ غَيْرِ الْبَالِغِ، فَلَمْ يَقَعْ طَلاَقُهُمَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الأَْدِلَّةِ.
وَهَذَا فِي الْجُنُونِ الدَّائِمِ الْمُطْبِقِ، أَمَّا الْجُنُونُ الْمُتَقَطِّعُ (1) ، فَإِنَّ حُكْمَ طَلاَقِ الْمُبْتَلَى بِهِ مَنُوطٌ بِحَالِهِ عِنْدَ الطَّلاَقِ، فَإِنْ طَلَّقَ وَهُوَ مَجْنُونٌ لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ طَلَّقَ فِي إِفَاقَتِهِ وَقَعَ لِكَمَال أَهْلِيَّتِهِ. وَقَدْ أَلْحَقَ الْفُقَهَاءُ بِالْمَجْنُونِ النَّائِمَ (2) ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ (3) ، وَالْمُبَرْسَمَ (4) ، وَالْمَدْهُوشَ (5) ، وَذَلِكَ لاِنْعِدَامِ أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ لَدَيْهِمْ وَلِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ. . . (6) وَحَدِيثِ: لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِي إِغْلاَقٍ (7) .
__________
(1) الجنون المتقطع هو الذي يغيب فترة عن صاحبه ثم يعود إليه، سواء كان ذلك بنظام أو لا.
(2) النوم حالة طبيعة معروفة تغيب فيها القوى الواعية في الإنسان لفترة محدودة.
(3) الإغماء هو: غياب القوى الواعية في الإنسان لفترة مؤقتة بسبب آفة لحقت به، فهو كالنوم في مدته، وكالجنون في كونه آفة (ابن عابدين 3 / 243) .
(4) مبرسم كما قال ابن عابدين من البرسام، ونقل عن البحر أنه: ورم حار يعرض للحجاب الذي بين الكبد والأمعاء ثم يتصل بالدماغ. (ابن عابدين 3 / 243) .
(5) المدهوش هو من غلب الخلل في أقواله وأفعاله الخارجة عن عادته بسبب غضب اعتراه. (ابن عابدين 3 / 244) .
(6) حديث: " رفع القلم عن ثلاثة. . . ". سبق تخريجه فقرة 16.
(7) حديث: " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق ". أخرجه أحمد (6 / 276) والحاكم (2 / 198) من حديث عائشة، وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بإعلاله لضعف أحد رواته.

الصفحة 15