كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 29)

فِي أَمْرِهِ الْهَزْل، وَلأَِنَّ الْهَازِل قَاصِدٌ لِلَّفْظِ الَّذِي رَبَطَ الشَّارِعُ بِهِ وُقُوعَ الطَّلاَقِ، فَيَقَعُ الطَّلاَقُ بِوُجُودِهِ مُطْلَقًا.
أَمَّا الْمُخْطِئُ، وَالْمُكْرَهُ، وَالْغَضْبَانُ، وَالسَّفِيهُ، وَالْمَرِيضُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ طَلاَقِهِمْ عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي.

أ - الْمُخْطِئُ:
20 - الْمُخْطِئُ هُنَا: مَنْ لَمْ يَقْصِدِ التَّلَفُّظَ بِالطَّلاَقِ أَصْلاً، وَإِنَّمَا قَصَدَ لَفْظًا آخَرَ، فَسَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى الطَّلاَقِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، كَأَنْ يُرِيدَ أَنْ يَقُول لِزَوْجَتِهِ: يَا جَمِيلَةُ، فَإِذَا بِهِ يَقُول لَهَا خَطَأً: يَا طَالِقُ وَهُوَ غَيْرُ الْهَازِل، لأَِنَّ الْهَازِل قَاصِدٌ لِلَفْظِ الطَّلاَقِ، إِلاَّ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلْفُرْقَةِ بِهِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ طَلاَقِ الْمُخْطِئِ.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (1) إِلَى عَدَمِ وُقُوعِ طَلاَقِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً، هَذَا إِذَا ثَبَتَ خَطَؤُهُ بِقَرَائِنِ الأَْحْوَال، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ خَطَؤُهُ وَقَعَ الطَّلاَقُ قَضَاءً، وَلَمْ يَقَعْ دِيَانَةً، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (2)
__________
(1) الدر المختار (3 / 230) ومغني المحتاج (3 / 287) ، والشرح الكبير (2 / 366) .
(2) حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان. . . " أخرجه ابن ماجه (1 / 659) والحاكم (2 / 198) من حديث ابن عباس واللفظ لابن ماجه، وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي.
وَلاَ يُقَاسُ حَالُهُ عَلَى الْهَازِل؛ لأَِنَّ الْهَازِل ثَبَتَ وُقُوعُ طَلاَقِهِ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْمُتَقَدِّمِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلاَ يُقَاسُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ طَلاَقَ الْمُخْطِئِ وَاقِعٌ قَضَاءً، ثَبَتَ خَطَؤُهُ أَمْ لاَ، وَلاَ يَقَعُ دِيَانَةً، وَذَلِكَ لِخُطُورَةِ مَحَل الطَّلاَقِ، وَهُوَ الْمَرْأَةُ، وَلأَِنَّ فِي عَدَمِ إِيقَاعِ طَلاَقِهِ فَتْحَ بَابِ الاِدِّعَاءِ بِذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلاَقِ وَهُوَ خَطِيرٌ، وَذَرِيعَةٌ يَجِبُ سَدُّهَا.

ب - الْمُكْرَهُ:
21 - الإِْكْرَاهُ هُنَا مَعْنَاهُ: حَمْل الزَّوْجِ عَلَى الطَّلاَقِ بِأَدَاةٍ مُرْهِبَةٍ.
وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى عَدَمِ وُقُوعِ طَلاَقِ الْمُكْرَهِ إِذَا كَانَ الإِْكْرَاهُ شَدِيدًا، كَالْقَتْل، وَالْقَطْعِ، وَالضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِي إِغْلاَقٍ (1) وَلِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (2) وَلأَِنَّهُ مُنْعَدِمُ الإِْرَادَةِ
__________
(1) حديث: " لاطلاق ولا عتاق. . . ". تقدم تخريجه فـ 17.
(2) حديث: " إن الله وضع عن أمتي. . . ". تقدم تخريجه فـ 20.

الصفحة 17