كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 29)

وَوَصَفَ غَيْرَهَا، بِأَنْ قَال لإِِحْدَى زَوْجَاتِهِ وَاسْمُهَا سَلْمَى: أَنْتِ يَا عَمْرَةُ طَالِقٌ، وَكَانَتِ الأُْخْرَى اسْمُهَا عَمْرَةُ، طَلُقَتِ الْمُشَارُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَضَاءً، وَلَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ: الْوَصْفُ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ، وَفِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ (1) وَكَذَلِكَ إِذَا أَشَارَ إِلَيْهَا وَوَصَفَهَا بِغَيْرِ وَصْفِهَا، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ، كَمَا إِذَا قَال لاِمْرَأَتِهِ، أَنْتِ يَا غَزَالَةُ طَالِقٌ، لِلْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ.
فَإِذَا لَمْ يُشِرْ إِلَيْهَا، وَلَكِنْ وَصَفَهَا بِوَصْفٍ هُوَ فِيهَا، وَعَنَى بِهَا غَيْرَهَا، كَأَنْ قَال: زَوْجَتِي سَلْمَى طَالِقٌ، وَقَصَدَ غَيْرَهَا، دُيِّنَ إِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ اسْمُهَا سَلْمَى (وَوَقَعَ دِيَانَةً) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ لَمْ يَقَعِ الطَّلاَقُ عَلَيْهِ دِيَانَةً وَلاَ قَضَاءً، لِعَدَمِ التَّعَيُّنِ أَصْلاً، وَعَدَمِ احْتِمَال اللَّفْظِ لِلنِّيَّةِ.
فَإِنْ قَال: نِسَاءُ الدُّنْيَا كُلُّهُنَّ طَوَالِقُ، وَنَوَى زَوْجَتَهُ، طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ قَال: نِسَاءُ مَحَلَّتِي كُلُّهُنَّ طَوَالِقُ، طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ، نَوَاهَا أَمْ لَمْ يَنْوِهَا، فَإِنْ قَال: نِسَاءُ مَدِينَتِي كُلُّهُنَّ طَوَالِقُ، فَإِنْ نَوَى زَوْجَتَهُ فِيهِنَّ طَلُقَتْ، وَإِلاَّ فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى عَدَمِ طَلاَقِهَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَيْضًا، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ
__________
(1) المادة 65 / من مجلة الأحكام العدلية.
أَنَّهَا تَطْلُقُ كَمَا فِي نِسَاءِ الْحَيِّ (1) . وَلَوْ قَال: نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقِ امْرَأَتُهُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ: سَلْمَى وَعَمْرَةُ، فَدَعَا سَلْمَى فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ، فَظَنَّهَا سَلْمَى فَطَلَّقَهَا، طَلُقَتْ سَلْمَى دِيَانَةً وَقَضَاءً عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لِلْقَصْدِ، أَمَّا عَمْرَةُ فَتَطْلُقُ قَضَاءً لاَ دِيَانَةً لِعَدَمِ الْقَصْدِ (2) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى طَلاَقِ الْمُجِيبَةِ فِي الأَْصَحِّ، أَمَّا الْمُنَادَاةُ فَلَمْ تَطْلُقْ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَمْ تَطْلُقَا (3) . وَلَوْ قَال الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ مَعَهَا: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، ثُمَّ قَال: قَصَدْتُ الأَْجْنَبِيَّةَ، قُبِل قَوْلُهُ فِي الأَْصَحِّ لَدَى الشَّافِعِيَّةِ، لاِحْتِمَال كَلاَمِهِ ذَلِكَ وَلِكَوْنِ الأَْجْنَبِيَّةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ قَابِلَةً - أَيْ لِلطَّلاَقِ - فَتُقَدَّمُ النِّيَّةُ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ، لأَِنَّهَا مَحَل الطَّلاَقِ دُونَ الثَّانِيَةِ، فَلاَ يُصْرَفُ قَوْلُهُ إِلَى قَصْدِهِ، لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ: إِعْمَال الْكَلاَمِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِ (4) ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ أَصْلاً، طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ قَوْلاً وَاحِدًا لِلْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ، فَلَوْ قَال لِزَوْجَتِهِ وَرَجُلٍ: أَحَدُكُمَا طَالِقٌ،
__________
(1) الدر المختار 3 / 293 - 294 والروضة 8 / 34.
(2) الشرح الكبير للدردير 2 / 366 - 367.
(3) مغني المحتاج 3 / 327.
(4) المادة 60 / من مجلة الأحكام العدلية، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 142 - 143 ط. الحلبي.

الصفحة 21