كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 29)

وَقَصَدَ الرَّجُل، بَطَل قَصْدُهُ، وَطَلُقَتْ زَوْجَتُهُ، لأَِنَّ الرَّجُل لَيْسَ مَحَل الطَّلاَقِ أَصْلاً.
وَلَوْ قَال لإِِحْدَى زَوْجَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ إِنْ فَعَلَتُ كَذَا، ثُمَّ فَعَل الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ إِحْدَاهُمَا، تَعَيَّنَتِ الثَّانِيَةُ الْحَيَّةُ لِلطَّلاَقِ، طَلُقَتْ (1) . وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَال لِزَوْجَاتِهِ الأَْرْبَعِ: إِحْدَاكُنَّ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ نِيَّةٌ طَلُقَتْ الَّتِي نَوَاهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ، وَمَنْ وَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَيْهَا كَانَتْ هِيَ الْمُطَلَّقَةُ، وَقَال مَالِكٌ: طَلُقْنَ جَمِيعًا، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يُخَيَّرُ، وَيَقَعُ الطَّلاَقُ عَلَى مَنْ يَخْتَارُهَا مِنْهُنَّ لِلطَّلاَقِ.
فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ وَنَسِيَهَا، " أُخْرِجَتِ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (2) . وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ لاَ يُعَوَّل عَلَى الْقُرْعَةِ لِبَيَانِ مَنْ وَقَعَ الطَّلاَقُ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ عَلَى تَعْيِينِهِ هُوَ.
وَتَطْلِيقُ جُزْءِ الْمُطَلَّقَةِ كَتَطْلِيقِهَا كُلِّهَا إِذَا كَانَ الْجُزْءُ شَائِعًا وَأَضَافَهُ إِلَيْهَا، كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: نِصْفُكِ طَالِقٌ، أَوْ ثُلُثُكِ، أَوْ رُبُعُكِ، أَوْ جُزْءٌ مِنْ أَلْفٍ مِنْكِ. . فَإِنْ
__________
(1) مغني المحتاج 3 / 304 - 305.
(2) المغني 7 / 434 - 440.
أَضَافَهُ إِلَى جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْجُزْءُ الْمُعَيَّنُ ثَابِتًا فِيهَا وَجُزْءًا لاَ يَتَجَزَّأُ مِنْهَا كَرَأْسِهَا، وَبَطْنِهَا. . . فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَابِتٍ كَلُعَابِهَا، وَعَرَقِهَا، وَسَائِرِ فَضَلاَتِهَا لَمْ تَطْلُقْ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ طَلَّقَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهَا طَلُقَتْ، وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مُعَيَّنًا، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهَا عَادَةً كَالرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ، وَالرَّقَبَةِ، وَالظَّهْرِ. . طَلُقَتْ، وَإِنْ كَانَ لاَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهَا عَادَةً كَالْيَدِ وَالرِّجْل لَمْ تَطْلُقْ فَإِنْ تَعَارَفَهُ النَّاسُ طَلُقَتْ بِهِ أَيْضًا (1) .

الشُّرُوطُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِصِيغَةِ الطَّلاَقِ:
27 - صِيغَةُ الطَّلاَقِ هِيَ اللَّفْظُ الْمُعَبَّرُ بِهِ عَنْهُ، إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَعَاضُ عَنِ اللَّفْظِ فِي أَحْوَالٍ بِالْكِتَابَةِ أَوِ الإِْشَارَةِ. وَلِكُلٍّ مِنَ اللَّفْظِ وَالْكِتَابَةِ وَالإِْشَارَةِ شُرُوطٌ لاَ بُدَّ مِنْ تَوَافُرِهَا فِيهِ، وَإِلاَّ لَمْ يَقَعِ الطَّلاَقُ، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ هِيَ:
__________
(1) المغني 7 / 426، ومغني المحتاج 3 / 290 - 291، وروضة الطالبين 8 / 63، والشرح الكبير للدردير 2 / 388، والدر المختار 3 / 256 - 257، والاختيار 3 / 126.

الصفحة 22