كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 29)

بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ سَابِقَتَيْنِ عَلَيْهِ، رَجْعِيَّتَيْنِ أَوْ بَائِنَتَيْنِ؛ لأَِنَّ الطَّلاَقَ الثَّالِثَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَائِنًا بَيْنُونَةً كُبْرَى.
الرَّابِعُ: أَنْ لاَ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ تُنْبِئُ عَنِ الْبَيْنُونَةِ، أَوْ تَدُل عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ، كَقَوْلِهِ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنًا، بِخِلاَفِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَبَائِنٌ، فَإِنَّهُ يَقَعُ بِالأُْولَى طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَبِالثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، وَكَذَلِكَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَكِ، فَإِنَّهُ بَائِنٌ.
الْخَامِسُ: أَنْ لاَ يَكُونَ مُشَبَّهًا بِعَدَدٍ أَوْ صِفَةٍ تَدُل عَلَى الْبَيْنُونَةِ، كَأَنْ يَقُول لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مِثْل هَذِهِ وَيُشِيرُ بِأَصَابِعِهِ الثَّلاَثَةِ، فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ بِثَلاَثِ طَلَقَاتٍ. فَإِذَا تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَقَعَ بِهِ الطَّلاَقُ بَائِنًا (1) .

ثَانِيًا: الرَّجْعِيُّ وَالْبَائِنُ:
37 - الطَّلاَقُ الرَّجْعِيُّ هُوَ: مَا يَجُوزُ مَعَهُ لِلزَّوْجِ رَدُّ زَوْجَتِهِ فِي عِدَّتِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ، وَالْبَائِنُ هُوَ: رَفْعُ قَيْدِ النِّكَاحِ فِي الْحَال. هَذَا، وَالطَّلاَقُ الْبَائِنُ عَلَى قِسْمَيْنِ: بَائِنٌ بَيْنُونَةٌ صُغْرَى، وَبَائِنٌ بَيْنُونَةٌ كُبْرَى. فَأَمَّا الْبَائِنُ بَيْنُونَةٌ صُغْرَى فَيَكُونُ بِالطَّلْقَةِ
__________
(1) ابن عابدين 3 / 250، 3 / 278 - 281.
الْبَائِنَةِ الْوَاحِدَةِ، وَبِالطَّلْقَتَيْنِ الْبَائِنَتَيْنِ، فَإِذَا كَانَ الطَّلاَقُ ثَلاَثًا، كَانَتِ الْبَيْنُونَةُ بِهِ كُبْرَى مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ أَصْل كُلٍّ مِنَ الثَّلاَثِ بَائِنًا أَمْ رَجْعِيًّا بِالاِتِّفَاقِ.
فَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ رَجْعِيًّا حَل لَهُ الْعَوْدُ إِلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ بِالرَّجْعَةِ، دُونَ عَقْدٍ جَدِيدٍ، فَإِذَا مَضَتِ الْعِدَّةُ عَادَ إِلَيْهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَقَطْ.
فَإِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً بَائِنَةً وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ إِلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا، وَلَكِنْ لَيْسَ بِالرَّجْعَةِ، وَإِنَّمَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ.
فَإِذَا طَلَّقَهَا ثَلاَثًا كَانَتِ الْبَيْنُونَةُ كُبْرَى، وَلَمْ يَحِل لَهُ الْعَوْدُ إِلَيْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَتَتَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَدْخُل بِهَا، ثُمَّ تَبِينُ مِنْهُ بِمَوْتٍ أَوْ فُرْقَةٍ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، فَإِنْ حَصَل ذَلِكَ حَل لَهُ الْعَوْدُ إِلَيْهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ (1) ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِل لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (2) .

الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى:
38 - الْبَيْنُونَةُ عِنْدَ إِطْلاَقِهَا تَنْصَرِفُ
__________
(1) ابن عابدين 3 / 293، والدسوقي 2 / 385، ومغني المحتاج 3 / 396، والمغني 7 / 417.
(2) الآية / 230 من سورة البقرة.

الصفحة 29