كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 29)

لِلصُّغْرَى، وَلاَ تَكُونُ كُبْرَى إِلاَّ إِذَا كَانَتْ ثَلاَثًا.
إِلاَّ أَنَّ طُرُقَ وُقُوعِ الثَّلاَثِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَعْضِهَا، وَاتَّفَقُوا فِي بَعْضِهَا الآْخَرِ حَسَبَ الآْتِي: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنَةً، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا بِعَقْدٍ أَوْ رَجْعَةٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا مَرَّةً أُخْرَى رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا بِعَقْدٍ أَوْ رَجْعَةٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا لِلْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ كَانَ ثَلاَثًا، وَبَانَتْ مِنْهُ بَيْنُونَةً كُبْرَى، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (1) . وَقَوْلِهِ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِل لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (2) . كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَانِيَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، أَنَّ الثَّانِيَةَ لاَ تَقَعُ عَلَيْهَا، لِعَدَمِ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلطَّلاَقِ، لاِنْقِضَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالطَّلاَقُ خَاصٌّ بِالزَّوْجَاتِ، وَكَذَلِكَ إِذَا طَلَّقَهَا ثَالِثَةً بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا لاَ تَقَعُ عَلَيْهَا، وَفِي هَذِهِ الْحَال تَكُونُ الْبَيْنُونَةُ صُغْرَى وَيَحِل لَهُ الْعَوْدُ إِلَيْهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ.
وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْل الدُّخُول بِهَا إِذَا طَلَّقَهَا: فَإِنَّ
__________
(1) الآية / 229 من سورة البقرة.
(2) لآية 230 من سورة البقرة.
الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ اللَّفْظِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وُقُوعِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ عَلَيْهَا - كَالْمَدْخُول بِهَا - إِذَا عَطَفَهُنَّ عَلَى بَعْضِهِنَّ بِالْوَاوِ فَقَال: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ؛ لأَِنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، فَتَكُونُ الأُْولَى غَيْرَ الثَّانِيَةِ، وَهُنَّ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ (1) . وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ قَال لِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً بِالْعَطْفِ، أَوْ قَبْل وَاحِدَةٍ، أَوْ بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ، تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَلاَ تَلْحَقُهَا الثَّانِيَةُ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ، وَكَذَلِكَ إِذَا عَطَفَهَا بِالْفَاءِ وَثُمَّ. وَفِي أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ، أَوْ قَبْلَهَا أَوْ مَعَ وَاحِدَةٍ أَوْ مَعَهَا وَاحِدٌ ثِنْتَانِ، الأَْصْل: أَنَّهُ مَتَى أَوْقَعَ بِالأَْوَّل لَغَا الثَّانِي، أَوْ بِالثَّانِي اقْتَرَنَا، لأَِنَّ الإِْيقَاعَ فِي الْمَاضِي إِيقَاعٌ فِي الْحَال.
وَيَقَعُ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ ثِنْتَانِ لَوْ دَخَلْتِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالشَّرْطِ دَفْعَةً، وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ إِنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ، لأَِنَّ الْمُعَلَّقَ كَالْمُنَجَّزِ (2) . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ؛ لأَِنَّهَا تَبِينُ
__________
(1) المغني 7 / 418، والدسوقي 2 / 385.
(2) الدر المختار 3 / 288.

الصفحة 30