كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 30)

وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (شُفْعَةٌ ف 31) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الرَّأْيِ الصَّحِيحِ: يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يُؤَخِّرَ طَلَبَ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا لِعُذْرٍ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَعْلَمَ لَيْلاً فَيُؤَخِّرَهُ إِلَى الصُّبْحِ، أَوْ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ حَتَّى يَأْكُل أَوْ يَشْرَبَ، أَوْ لِطَهَارَةٍ أَوْ إِغْلاَقِ بَابٍ أَوْ لِيَخْرُجَ مِنَ الْحَمَّامِ، أَوْ لِيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ وَيَأْتِيَ بِالصَّلاَةِ وَسُنَّتِهَا، أَوْ لِيَشْهَدَهَا فِي جَمَاعَةٍ يَخَافُ فَوْتَهَا. .؛ لأَِنَّ الْعَادَةَ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْحَوَائِجِ عَلَى غَيْرِهَا، فَلاَ يَكُونُ الاِشْتِغَال بِهَا رِضًى بِتَرْكِ الشُّفْعَةِ (1) .

د - أَثَرُ الْعُذْرِ فِي الْعُقُودِ
41 - الْعُقُودُ اللاَّزِمَةُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (2) لَكِنْ قَدْ تَطْرَأُ أَعْذَارٌ لاَ يُمْكِنُ مَعَهَا الْوَفَاءُ بِهَا، أَوْ يَتَعَسَّرُ مَعَهَا ذَلِكَ، وَعِنْدَئِذٍ يَنْحَل الإِْلْزَامُ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، وَفِي ذَلِكَ يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: كُل عُذْرٍ لاَ يُمْكِنُ مَعَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إِلاَّ بِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ يُثْبِتُ لَهُ حَقَّ الْفَسْخِ (3) .
__________
(1) المغني والشرح الكبير 5 / 479.
(2) سورة المائدة / 1.
(3) رد المحتار 5 / 55.
هـ - الْعُذْرُ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ:
42 - الْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَفِيرٌ عَامٌّ، فَإِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ الإِْثْمُ عَنِ الْبَاقِينَ، أَمَّا إِذَا كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا، فَالْجِهَادُ يُصْبِحُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى كُل قَادِرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا الْحُكْمُ فِي فَرْضِيَّةِ الْجِهَادِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (1) وَلَكِنْ مَنْ لاَ قُدْرَةَ لَهُ فَلاَ يُطَالَبُ بِالْجِهَادِ؛ لأَِنَّهُ مَعْذُورٌ، وَقَدْ أَشَارَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ إِلَى أَصْحَابِ الأَْعْذَارِ فَقَال: {لَيْسَ عَلَى الأَْعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَْعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} (2) . وَالآْيَةُ نَزَلَتْ فِي هَؤُلاَءِ حِينَ هَمُّوا بِالْخُرُوجِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ التَّخَلُّفِ عَنِ الْجِهَادِ، وَقَال سُبْحَانَهُ أَيْضًا: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} (3) فَظَاهِرُ الآْيَتَيْنِ يَدُل عَلَى أَنَّ الْحَرَجَ مَرْفُوعٌ فِي كُل مَا يَضْطَرُّهُمْ إِلَيْهِ الْعُذْرُ (4) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (جِهَاد) .
__________
(1) بدائع الصنائع 7 / 98، وفتح القدير 3 / 241.
(2) سورة الفتح / 17.
(3) سورة التوبة / 91.
(4) بدائع الصنائع 7 / 97 - 98، وتبيين الحقائق 3 / 241، وفتح القدير 4 / 278 وبداية المجتهد 1 / 380، والجامع لأحكام القرآن 6 / 4705.

الصفحة 31