كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 30)

أَنْوَاعٌ: فَمِنْهُ مَا يَعُودُ إِلَى اعْتِبَارِ الْبِقَاعِ، وَالْبِيئَاتِ مِنْ حُسْنِ شَيْءٍ أَوْ قُبْحِهِ، فَيَكُونُ فِي مَكَانٍ حَسَنًا، وَفِي مَكَانٍ آخَرَ قَبِيحًا، مِثْل كَشْفِ الرَّأْسِ فَهُوَ لِذَوِي الْمُرُوءَاتِ قَبِيحٌ فِي الْبِلاَدِ الْمَشْرِقِيَّةِ، وَغَيْرُ قَبِيحٍ فِي الْبِلاَدِ الْمَغْرِبِيَّةِ (1) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي: الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

اعْتِبَارُ الْعُرْفِ:
9 - يَنْقَسِمُ الْعُرْفُ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُهُ فِي الأَْحْكَامِ - إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: -
أ - مَا قَامَ الدَّلِيل الشَّرْعِيُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ، كَمُرَاعَاةِ الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ، وَوَضْعِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَهَذَا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ وَالأَْخْذُ بِهِ.
ب - مَا قَامَ الدَّلِيل الشَّرْعِيُّ عَلَى نَفْيِهِ، كَعَادَةِ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ فِي التَّبَرُّجِ، وَطَوَافِهِمْ فِي الْبَيْتِ عُرَاةً، وَالْجَمْعِ بَيْنَ الأُْخْتَيْنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْعْرَافِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا الشَّارِعُ، فَهَذِهِ الأَْعْرَافُ لاَ تُعْتَبَرُ.
ج - مَا لَمْ يَقُمِ الدَّلِيل الشَّرْعِيُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ أَوْ نَفْيِهِ، وَهَذَا هُوَ مَوْضِعُ نَظَرِ الْفُقَهَاءِ.
10 - وَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى اعْتِبَارِهِ وَمُرَاعَاتِهِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ الْكَثِيرَ مِنَ الأَْحْكَامِ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ
__________
(1) الأشباه والنظائر للسيوطي 90، والموافقات للشاطبي 2 / 283.
أَحَدٌ مِنْهُمْ (1) وَقَدْ قَامَ الدَّلِيل مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ. فَمِنَ الْكِتَابِ: قَوْله تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَل اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} . (2)
قَال أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: إِنَّ الإِْنْفَاقَ لَيْسَ لَهُ تَقْدِيرٌ شَرْعِيٌّ، وَإِنَّمَا أَحَالَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَادَةِ، وَهِيَ دَلِيلٌ أُصُولِيٌّ، بَنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ الأَْحْكَامَ، وَرَبَطَ بِهِ الْحَلاَل وَالْحَرَامَ (3) . قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالصَّحِيحُ رَدُّ الْحُقُوقِ الْمُطْلَقَةِ فِي الشَّرْعِ إِلَى الْعُرْفِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ فِي نَفَقَاتِهِمْ، فِي حَقِّ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ، كَمَا رَدَدْنَاهُمْ فِي الْكِسْوَةِ إِلَى ذَلِكَ (4) . وَمِنَ السُّنَّةِ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي وَوَلَدِي إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ، فَقَال: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ (5) قَال ابْنُ حَجَرٍ: فِيهِ اعْتِمَادُ
__________
(1) مجموعة رسائل ابن عابدين 1 / 44، 2 / 113، 114 وفتح الباري 9 / 510. ط. مكتبة الرياض الحديث.
(2) سورة الطلاق / 7
(3) أحكام القرآن لابن العربي 4 / 1830. ط. عيسى الحلبي 1958م.
(4) المغني 7 / 567 ط مكتبة الرياض الحديثة.
(5) حديث عائشة: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، أخرجه البخاري (فتح الباري / 9 / 507) ومسلم (3 / 1338) .

الصفحة 57