كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
مَعِيبُ مَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (1) .
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ إِذَا تَمَّ الإِْبْدَال بَعْدَ التَّفَرُّقِ صَارَ الْقَبْضُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ، قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (2)
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
إِذَا ظَهَرَ الْعَيْبُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَكَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ:
35 - سَبَقَ أَنَّ الصَّرْفَ فِي الذِّمَّةِ إِذَا ظَهَرَ مَعِيبًا فِي الْمَجْلِسِ كَانَ لَهُ إِبْدَالُهُ. سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ مِنَ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرِ الْجِنْسِ.
أَمَّا بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ مِنَ الْجِنْسِ وَقَدْ مَرَّتْ آرَاءُ الْفُقَهَاءِ فِيهِ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، كَأَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ نُحَاسًا أَوِ الْفِضَّةُ رَصَاصًا.
فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى الْقَوْل بِبُطْلاَنِ الصَّرْفِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِذَا وُجِدَ الْعِوَضُ كُلُّهُ مَعِيبًا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (3) . وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَوْل ابْنِ
__________
(1) المهذب 1 / 279.
(2) المهذب 1 / 279، والمغني 4 / 170.
(3) بدائع الصنائع 5 / 205.
الْحَاجِبِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ (1) : إِذَا طَالَبَ بِالْبَدَل، أَوْ تَتْمِيمِ النَّاقِصِ وَأَخَذَ الْبَدَل بِالْفِعْل، نُقِضَ الصَّرْفُ.
وَإِذَا رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا صَحَّ. وَقِيل عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ الْبَدَل فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ لَمْ يُبْطِلْهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ، وَدَلِيل الْبُطْلاَنِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ أَنَّ السَّتُّوقَ - وَكَذَا الرَّصَاصُ - لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ. لأَِنَّهَا لاَ تَرُوجُ فِي مُعَامَلاَتِ النَّاسِ، فَلَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَصْلاً وَوَصْفًا، فَكَانَ الاِفْتِرَاقُ عَنِ الْمَجْلِسِ لاَ عَنْ قَبْضٍ حَتَّى لَوْ رَضِيَ بِهِ لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ اسْتِبْدَالاً قَبْل الْقَبْضِ، وَهُوَ لاَ يَجُوزُ.
كَمَا أَنَّهُمَا إِنِ افْتَرَقَا قَبْل رَدِّهِ فَالصَّرْفُ فِيهِ فَاسِدٌ؛ لأَِنَّهُمَا تَفَرَّقَا قَبْل قَبْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْبِضْ مَا يَصْلُحُ عِوَضًا عَنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الَّذِي قَبَضَهُ غَيْرُ الْعِوَضِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعُقْدَةُ وَلاَ يَجُوزُ لَهُ إِمْسَاكُهُ.
كَذَلِكَ اسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الصَّرْفُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى التَّفَاضُل فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، وَهُوَ لاَ يَجُوزُ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْعَيْبُ فِي جَمِيعِ الْعِوَضِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ فِي بَعْضِهِ بَطَل الصَّرْفُ فِي
__________
(1) حاشية الدسوقي 3 / 37.
الصفحة 106