كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
وَلَوْ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُنْقَضُ فِيهَا فِي الْمَصُوغِ مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِهِ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوِ الطُّول (1) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ ذَكَرُوا أَثْنَاءَ الْكَلاَمِ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ هَل تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ أَمْ لاَ؟ أَنَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا: وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ. وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بَانَ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا فَعَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَذْهَبِ تُبْطِل الْعَقْدَ لأَِنَّهُ وَقَعَ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ (2) .
الْعَيْبُ فِي السَّلَمِ:
37 - إِنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي رَأْسِ مَال السَّلَمِ بِأَنْ وَجَدَ فِي الثَّمَنِ زُيُوفًا بَعْدَ التَّفَرُّقِ رَدَّهُ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَجِّل لَهُ الْبَدَل، وَإِلاَّ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ.
وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ بِالشَّرْطِ، وَأَمَّا التَّأْخِيرُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا فَلاَ يَجُوزُ. وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ: فَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْكُبْرَى: إِنْ أَسْلَمْتَ فِي حِنْطَةٍ. فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا أَصَابَ رَأْسُ الْمَال نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا أَوْ زُيُوفًا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَجَاءَ لِيُبَدِّل فَيُبَدَّل وَلاَ
__________
(1) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 38 - 39 والشرح الصغير 4 / 75، 76.
(2) القواعد لابن رجب ص383، شرح منتهى الإرادات 2 / 206.
يُنْتَقَضُ السَّلَفُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمْتَ دَرَاهِمَ فِي عُرُوضٍ أَوْ طَعَامٍ. فَأَتَى الْبَائِعُ بِبَعْضِ الدَّرَاهِمِ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ أَيَّامٍ فَقَال: أَصَبْتُهَا زُيُوفًا، فَقُلْتَ: دَعْهَا فَأَنَا أُبْدِلُهَا لَكَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ (1) .
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ. وَهُوَ الْوَجْهُ الأَْوَّل لِلْحَنَابِلَةِ بِشَرْطِ قَبْضِ الْبَدَل فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ، لأَِنَّ الْقَبْضَ الأَْوَّل كَانَ صَحِيحًا. وَلأَِنَّ لِلرَّدِّ شَبَهًا بِالْعَقْدِ حَيْثُ لاَ يَجِبُ الْقَبْضُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ إِلاَّ بِالرَّدِّ. كَمَا لاَ يَجِبُ الْقَبْضُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ إِلاَّ بِالْعَقْدِ، فَأُلْحِقَ مَجْلِسُ الرَّدِّ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ وَجَدَ فِي الثَّمَنِ زُيُوفًا بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَرَدَّهُ بَطَل السَّلَمُ سَوَاءٌ اُسْتُبْدِل فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ أَوْ لاَ؛ لأَِنَّ الزُّيُوفَ مِنْ جِنْسِ حَقِّ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ. لَكِنْ أَصْلاً لاَ وَصْفًا، وَلِهَذَا ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ بِفَوَاتِ حَقِّهِ عَنِ الْوَصْفِ. فَكَانَ حَقُّهُ فِي الأَْصْل وَالْوَصْفِ جَمِيعًا، فَصَارَ بِقَبْضِ الزُّيُوفِ قَابِضًا حَقَّهُ مِنْ حَيْثُ الأَْصْل لاَ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفُ، إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا رَضِيَ بِهِ، فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ عَنِ الْوَصْفِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ
__________
(1) حاشية الدسوقي 3 / 197، المدونة الكبرى 9 / 30.
الصفحة 108