كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْغَاضِرِيِّ مِنْ غَاضِرَةِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ: وَلاَ يُعْطِي الْهَرِمَةَ وَلاَ الدَّرَنَةَ، وَلاَ الْمَرِيضَةَ، وَلاَ الشَّرَطَ اللَّئِيمَةَ، وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ (1) .
وَأَيْضًا فَإِنَّ أَخْذَ الصَّحِيحَةِ عَنِ الْمِرَاضِ إِخْلاَلٌ بِالْمُوَاسَاةِ، وَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُوَاسَاةِ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ تُجْزِئُ إِلاَّ صَحِيحَةٌ، فَفِي الْمُنْتَقَى لِلْبَاجِيِّ: وَلاَ يُخْرِجُ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ مَعِيبَةً كَتَيْسٍ وَهَرِمَةٍ وَلاَ ذَاتِ عَوَارٍ - بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْعَيْبُ - وَإِنَّمَا يَأْخُذُ فِي الزَّكَاةِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةُ النَّسْل، فَمَا كَانَ مِنَ الأَْنْعَامِ مَرِيضًا أَوْ جَرِبًا أَوْ أَعْوَرَ فَلَيْسَ عَلَى الْمُصَدِّقِ أَخْذُهُ، إِلاَّ أَنْ يَرَى الْمُصَدِّقُ أَنَّهَا أَغْبَطُ وَأَفْضَل مِمَّا يُجْزِئُ عَنْهُ مِنَ الصَّحِيحِ فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهَا، وَيُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا ذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَتِ الْغَنَمُ كُلُّهَا تُيُوسًا أَوْ هَرِمَةً أَوْ ذَاتَ عَوَارٍ فَإِنَّ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ أَنْ يَأْتِيَهُ
__________
(1) حديث:: " " ولا يعطي الهرمة. . . " " أخرجه أبو داود (3 / 240) .
(2) فتح القدير 2 / 247، الأم 2 / 5، المغني لابن قدامة 2 / 600.
بِمَا يُجْزِئُ.
وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ عَلَى عَدَمِ الأَْخْذِ مِنَ الأَْنْعَامِ الْمَعِيبَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَْرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} (1) .
وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا حَيَوَانٌ يَخْرُجُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ السَّلاَمَةُ كَالضَّحَايَا (2) .
وَنُقِل عَنْ الإِْمَامِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلُهُ: يُحْسَبُ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ كُل ذَاتِ عَوَارٍ، وَلاَ يَأْخُذُ مِنْهَا، وَالْعَمْيَاءُ مِنْ ذَوَاتِ الْعَوَارِ، وَلاَ تُؤْخَذُ مِنْهَا وَلاَ مِنْ ذَوَاتِ الْعَوَارِ (3) .
وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتْ حَيَوَانَاتُ النِّصَابِ كُلُّهَا مَرِيضَةً مَعِيبَةً، أَمَّا إِذَا كَانَتْ صَحِيحَةً فَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْمَعِيبَةِ عَنِ الصَّحِيحَةِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ.
وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مَعِيبًا وَبَعْضُهَا صَحِيحًا لاَ يُقْبَل إِلاَّ الصَّحِيحُ عَنْهَا فِي الزَّكَاةِ (4) .
__________
(1) سورة البقرة / 267.
(2) المنتقى للباجي 2 / 130، 134، حاشية الدسوقي 2 / 435.
(3) المدونة الكبرى 1 / 312.
(4) المغني لابن قدامة 2 / 600.
الصفحة 113