كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
و - زَكَاةُ الْفِطْرِ:
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَاجِبِ مِنَ الأَْقْوَاتِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الْوَجْهُ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ هُوَ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِ الْمُخْرِجِ؛ لأَِنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ وَتَعَلَّقَ بِالطَّعَامِ، فَوَجَبَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ، فَإِنْ عَدَل عَنْ قُوتِ الْبَلَدِ إِلَى قُوتِ بَلَدٍ آخَرَ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ الَّذِي انْتَقَل إِلَيْهِ أَجْوَدَ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ لَمْ يُجْزِهِ.
وَإِنْ كَانَ أَهْل الْبَلَدِ يَقْتَاتُونَ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً مِنَ الأَْطْعِمَةِ لَيْسَتْ بَعْضُهَا بِأَغْلَبَ مِنْ بَعْضٍ فَأَيُّهَا أَخْرَجَ أَجْزَأَهُ، وَلَكِنَّ الأَْفْضَل أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَحْسَنِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (1)
قَال الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمُعْتَبَرُ هُوَ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ وَقْتَ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ لاَ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَفِي قَوْلٍ لَهُ: الاِعْتِبَارُ هُوَ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرَةِ، إِلاَّ أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الاِعْتِبَارَ هُوَ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ
__________
(1) سورة آل عمران / 92.
يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُزَكِّي غَالِبُ قُوتِ نَفْسِهِ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ مَا فَضَل عَنْ قُوتِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ قُوتِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ لَدَى الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الأَْقْوَاتِ الَّتِي تَصِحُّ بِهَا زَكَاةُ الْفِطْرَةِ، فَيُخْرِجُ مَا شَاءَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ قُوتِهِ وَغَيْرَ قُوتِ أَهْل بَلَدِهِ، لِظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ (1) .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَمْ يَكُنْ قُوتَ أَهْل الْمَدِينَةِ فَدَل عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْجَمِيعِ (2) .
ز - الإِْطْعَامُ الْوَاجِبُ فِي الْكَفَّارَاتِ:
8 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ غَالِبُ قُوتِ الْبَلْدَةِ، فِي حِينِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ
__________
(1) حديث أبي سعيد الخدري:: " " كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا. . . " ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 371) ، ومسلم (2 / 678) .
(2) الدر المختار 2 / 76، ومغني المحتاج 1 / 406، وجواهر الإكليل 1 / 142، ومواهب الجليل 2 / 367، وكشاف القناع 2 / 253.
الصفحة 128