كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
أَقْوَاتِ الْبَلَدِ (1)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (كَفَّارَة)
ح - غَالِبُ النَّقْدِ فِي الْبَيْعِ:
9 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ فَأَكْثَرُ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهَا غَالِبًا انْصَرَفَتِ الْعُقُودُ إِلَيْهِ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ؛ لأَِنَّهُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ عُرْفًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ فَأَكْثَرُ - وَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهَا - اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ لَفْظًا وَلاَ يَكْفِي التَّعْيِينُ بِالنِّيَّةِ، أَمَّا إِذَا اتَّفَقَتِ النُّقُودُ بِأَنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ فِي الْقِيمَةِ وَالْغَلَبَةِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي أَيَّهَا شَاءَ، وَإِنْ عَيَّنَ فِي الْعَقْدِ غَيْرَ النَّقْدِ الْغَالِبِ تَعَيَّنَ، وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ تَقْوِيمَ الْمُتْلِفَاتِ يَكُونُ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ، فَإِنْ كَانَ لاَ غَالِبَ فِيهَا عَيَّنَ الْقَاضِي وَاحِدًا مِنَ النُّقُودِ لِلتَّقْوِيمِ بِهَا (2) .
مُعَامَلَةُ مَنْ غَالِبُ مَالِهِ حَرَامٌ:
10 - مِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 582، المجموع للنووي 6 / 130، مغني المحتاج 3 / 367، 4 / 327، وجواهر الإكليل 1 / 378.
(2) حاشية ابن عابدين 4 / 26، ومواهب الجليل 4 / 277، مغني المحتاج 2 / 17، كشاف المخدرات ص 215، قواعد الأحكام لابن عبد السلام 2 / 120.
الْحَلاَل وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ، قَال الْجُوَيْنِيُّ: لَمْ يَخْرُجْ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إِلاَّ مَا نَدَرَ.
قَال السُّيُوطِيُّ: خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فُرُوعٌ مِنْهَا: مُعَامَلَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ عَنِ الْحَرَامِ لاَ يَحْرُمُ فِي الأَْصَحِّ لَكِنْ يُكْرَهُ، وَكَذَا الأَْخْذُ مِنْ عَطَايَا السُّلْطَانِ إِذَا غَلَبَ الْحَرَامُ فِي يَدِهِ.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا اشْتَرَى مِمَّنْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ وَحَلاَلٌ كَالسُّلْطَانِ الظَّالِمِ وَالْمُرَابِي، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ حَلاَل مَالِهِ فَهُوَ حَلاَلٌ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَرَامٌ فَهُوَ حَرَامٌ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا فِي يَدِ الإِْنْسَانِ مِلْكُهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ كَرِهْنَاهُ لاِحْتِمَال التَّحْرِيمِ فِيهِ، وَلَمْ يَبْطُل الْبَيْعُ؛ لإِِمْكَانِ الْحَلاَل، قَل الْحَرَامُ أَوْ كَثُرَ، وَهَذَا هُوَ الشُّبْهَةُ، وَبِقَدْرِ قِلَّةِ الْحَرَامِ وَكَثْرَتِهِ تَكُونُ كَثْرَةُ الشُّبْهَةِ وَقِلَّتُهَا، قَال أَحْمَدُ: لاَ يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْكُل مِنْهُ (1) ، لَمَا رَوَى النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: الْحَلاَل بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى
__________
(1) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 50 وما بعدها و105 وما بعدها، والمغني لابن قدامة 4 / 295، وانظر فتح المبين شرح الأربعين النووية مع حاشية المدابغي ص113 وما بعدها.
الصفحة 129