كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)

الشَّيْءِ الطَّاهِرِ (1) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (نَجَاسَةٍ)

ب - التَّيَمُّمُ:
3 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ وُجُودِ الْغُبَارِ فِيمَا يُتَيَمَّمُ بِهِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ. وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي التُّرَابِ الَّذِي يُتَيَمَّمُ بِهِ غُبَارٌ يَعْلَقُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (2) قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآْيَةِ: الصَّعِيدُ تُرَابُ الْحَرْثِ وَهُوَ التُّرَابُ الْخَالِصُ، وَقَال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الصَّعِيدُ تُرَابٌ لَهُ غُبَارٌ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يَحْصُل الْمَسْحُ بِشَيْءٍ مِنْهُ - أَيِ الصَّعِيدِ - إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَا غُبَارٍ يَعْلَقُ بِالْيَدِ، فَإِنْ كَانَ جَرْشًا أَوْ نَدِيًّا لاَ يَرْتَفِعُ لَهُ غُبَارٌ لَمْ يَكْفِ التَّيَمُّمُ بِهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ مِنْ غُبَارِ تُرَابٍ عَلَى صَخْرَةٍ أَوْ مِخَدَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ حَصِيرٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ أَدَاةٍ، قَالُوا: لَوْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ فِيهِ غُبَارٌ، أَوْ عَلَى لِبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 147 - 216، مغني المحتاج 1 / 81، كشاف القناع 1 / 186 - 192.
(2) سورة المائدة / 6.
أَوْ جُوَالِقَ أَوْ بَرْذَعَةٍ فَعَلِقَ بِيَدَيْهِ غُبَارٌ فَتَيَمَّمَ بِهِ جَازَ، لأَِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ التُّرَابَ حَيْثُ هُوَ، فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الأَْرْضِ أَوْ عَلَى غَيْرِهَا، وَمِثْل هَذَا لَوْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى حَائِطٍ أَوْ عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ فَصَارَ عَلَى يَدِهِ غُبَارٌ، لِحَدِيثِ أَبِي جَهْمِ بْنِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُ: أَقْبَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَل عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ (1)
أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى هَذِهِ الأَْشْيَاءِ غُبَارٌ يَعْلَقُ عَلَى الْيَدِ فَلاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهَا إِلاَّ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَرَى أَنَّ الْغُبَارَ وَحْدَهُ لاَ يَكْفِي بَل يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ تُرَابٌ؛ لأَِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ عِنْدَهُ هُوَ التُّرَابُ الْخَالِصُ، وَالْغُبَارُ لَيْسَ بِتُرَابٍ خَالِصٍ بَل هُوَ تُرَابٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ (2) .
وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ - مَا عَدَا أَبَا يُوسُفَ - وَالْمَالِكِيَّةُ التَّيَمُّمَ بِصَخْرَةٍ لاَ غُبَارَ عَلَيْهَا،
__________
(1) حديث أبي جهم بن الحارث:: " " أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جمل. . . " ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 441) .
(2) البدائع 1 / 53 - 54، جواهر الإكليل 1 / 27، مغني المحتاج 1 / 96، المجموع 2 / 213 - 219، المغني 1 / 247.

الصفحة 134