كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
أَرْضٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ، وَتُسَمَّى أَيْضًا: الْمُنَاصَبَةُ. (1) وَجَعَلَهَا الْحَنَابِلَةُ قِسْمًا مِنَ الْمُسَاقَاةِ، حَيْثُ قَالُوا: الْمُسَاقَاةُ دَفْعُ أَرْضٍ وَشَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ لِمَنْ يَغْرِسُهُ، وَهِيَ الْمُنَاصَبَةُ، أَوْ شَجَرٌ مَغْرُوسٌ مَعْلُومٌ لِمَنْ يَعْمَل عَلَيْهِ. (2)
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى صِحَّةِ الْمُغَارَسَةِ فِي الأَْشْجَارِ عَلَى سَبِيل الإِْجَارَةِ، كَأَنْ يَقُول لَهُ: اغْرِسْ لِي هَذِهِ الأَْرْضَ نَخْلاً أَوْ عِنَبًا أَوْ زَيْتُونًا وَلَكَ كَذَا، وَتَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الإِْجَارَةِ (3) .
أَمَّا الْمُغَارَسَةُ عَلَى سَبِيل الشَّرِكَةِ، بِأَنْ تُعْطَى الأَْرْضُ لِلْعَامِل لِغَرْسِ الأَْشْجَارِ، وَتَكُونَ الأَْرْضُ وَالأَْشْجَارُ بَيْنَهُمَا، أَوِ الأَْشْجَارُ وَحْدَهَا بَيْنَهُمَا، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ:
فَأَمَّا الْمُغَارَسَةُ عَلَى سَبِيل الشَّرِكَةِ فِي الأَْشْجَارِ وَحْدَهَا فَهِيَ كَمَا يَلِي:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ أَرْضًا مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا غِرَاسًا عَلَى أَنَّ مَا تَحْصَّل مِنَ الأَْغْرَاسِ وَالثِّمَارِ بَيْنَهُمَا جَازَ. (4)
__________
(1) ابن عابدين 5 / 183، وجواهر الإكليل 2 / 182.
(2) كشاف القناع 3 / 532.
(3) ابن عابدين 5 / 183 - 185، وجواهر الإكليل 2 / 182 - 183، وحاشية القليوبي 2 / 63، وكشاف القناع 3 / 532 - 535، والمغني لابن قدامة 5 / 392.
(4) ابن عابدين 5 / 183.
وَمِثْلُهُ مَا قَالَهُ الْحَنَابِلَةُ، حَيْثُ صَرَّحُوا بِجَوَازِ دَفْعِ أَرْضٍ وَشَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ لِمَنْ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَل عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ أَوْ مِنْهُ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ تَصِحُّ الْمُغَارَسَةُ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ فِي أَحَدِهِمَا، أَيِ الأَْرْضِ أَوِ الشَّجَرِ. (2)
كَمَا صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْمُنَاصَبَةِ، بِأَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ أَرْضًا لِيَغْرِسَهَا مِنْ عِنْدِهِ، وَالشَّجَرَةُ بَيْنَهُمَا. (3)
وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّال: أَنَّ الْحَاصِل فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْعَامِل، وَلِمَالِكِ الأَْرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا عَلَيْهِ. (4)
وَأَمَّا الْمُغَارَسَةُ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا فِي الأَْرْضِ وَالأَْشْجَارِ مَعًا فَلاَ تَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَذَلِكَ لاِشْتِرَاطِ الشَّرِكَةِ فِيمَا هُوَ مَوْجُودٌ قَبْل الشَّرِكَةِ، لأَِنَّهُ نَظِيرُ مَنِ اسْتَأْجَرَ صَبَّاغًا يَصْبُغُ ثَوْبَهُ بِصَبْغِ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الْمَصْبُوغِ لِلصَّبَّاغِ، فَكَانَ كَقَفِيزِ الطَّحَّانِ، كَمَا عَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ. (5)
__________
(1) كشاف القناع 3 / 532.
(2) جواهر الإكليل 2 / 183.
(3) مغني المحتاج 2 / 324.
(4) مغني المحتاج 2 / 324.
(5) حاشية ابن عابدين وبهامشه الدر المختار 5 / 183، 184، وكشاف القناع 3 / 35.
الصفحة 174