كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)

مَنْ لاَ تُطِيعُهُ مِنَ الْخِذْلاَنِ وَالْحُمْقِ.
وَقَال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَنْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْكَ فِي الدُّنْيَا بِسَرِقَةِ ثَلاَثَةِ دَرَاهِمَ لاَ تَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ عُقُوبَتُهُ فِي الآْخِرَةِ عَلَى نَحْوِ هَذَا (1) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ سَعَةِ رَحْمَتِهِ شَدِيدُ الْعِقَابِ، وَقَدْ قَضَى بِتَخْلِيدِ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ، مَعَ أَنَّهُ لاَ يَضُرُّهُ كُفْرُهُمْ (2) .

الْغُرُورُ بِالطَّاعَاتِ وَالْقُرَبِ:
8 - يَغْتَرُّ بَعْضُ الْمَغْرُورِينَ بِالاِعْتِمَادِ عَلَى مِثْل صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ، حَتَّى يَقُول بَعْضُهُمْ: صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ الْعَامِ كُلَّهَا وَيَبْقَى صَوْمُ عَرَفَةَ زِيَادَةٌ فِي الأَْجْرِ.
قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: لَمْ يَدْرِ هَذَا الْمُغْتَرُّ أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ أَعْظَمُ وَأَجَل مِنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَهِيَ إِنَّمَا تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا إِذَا اُجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ، فَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ لاَ يَقْوَيَانِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ إِلاَّ مَعَ انْضِمَامِ تَرْكِ الْكَبَائِرِ إِلَيْهَا، فَيَقْوَى
__________
(1) الداء والدواء ص33.
(2) مختصر منهاج القاصدين ص247.
مَجْمُوعُ الأَْمْرَيْنِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ (1) .
وَمِنَ الْمَغْرُورِينَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ طَاعَاتِهِ أَكْثَرُ مِنْ مَعَاصِيهِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُحَاسِبُ نَفْسَهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ وَلاَ يَتَفَقَّدُ ذُنُوبَهُ، وَإِذَا عَمِل طَاعَةً حَفِظَهَا وَاعْتَدَّ بِهَا، كَاَلَّذِي يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بِلِسَانِهِ أَوْ يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ، ثُمَّ يَغْتَابُ الْمُسْلِمِينَ وَيُمَزِّقُ أَعْرَاضَهُمْ، وَيَتَكَلَّمُ بِمَا لاَ يَرْضَاهُ اللَّهُ طُول نَهَارِهِ، فَهَذَا أَبَدًا يَتَأَمَّل فِي فَضَائِل التَّسْبِيحَاتِ وَالتَّهْلِيلاَتِ وَلاَ يَلْتَفِتُ إِلَى مَا وَرَدَ مِنْ عُقُوبَةِ الْمُغْتَابِينَ وَالْكَذَّابِينَ وَالنَّمَّامِينَ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ، وَذَلِكَ مَحْضُ غُرُورٍ (2) .

الْغُرُورُ بِصَلاَحِ الآْبَاءِ وَالأَْسْلاَفِ:
9 - مِنَ الْمَغْرُورِينَ مَنْ يَغْتَرُّ بِآبَائِهِ وَأَسْلاَفِهِ، وَأَنَّ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَكَانًا وَصَلاَحًا، فَلاَ يَدَعُوهُ أَنْ يُخَلِّصُوهُ (3) .
قَال الْغَزَالِيُّ: يَنْسَى الْمَغْرُورُ أَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَصْحِبَ وَلَدَهُ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ، فَلَمْ يَرْضَ الْوَلَدُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَال رَبِّ إِنَّ
__________
(1) الداء والدواء ص27 - 28.
(2) إحياء علوم الدين 3 / 376، ومختصر منهاج القاصدين ص248.
(3) الداء والدواء ص25، ومختصر منهاج القاصدين ص248.

الصفحة 190