كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 31)
عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُل؟ فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِل، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: وَهَل يَكُونُ هَذَا؟ فَقَال نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ ، إِنَّ مَاءَ الرَّجُل غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلاَ أَوْ سَبَقَ يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ "، وَفِي لَفْظٍ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَل عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ (1) .
وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لإِِيجَابِ الْغُسْل بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ كَوْنَهُ عَنْ شَهْوَةٍ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَوِ انْفَصَل - أَيِ الْمَنِيُّ - بِضَرْبٍ أَوْ حَمْلٍ ثَقِيلٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَلاَ غُسْل عِنْدَنَا.
وَقَال الدَّرْدِيرُ: وَإِنْ خَرَجَ بِلاَ لَذَّةٍ بَل سَلَسًا أَوْ بِضَرْبَةٍ أَوْ طَرْبَةٍ أَوْ لَدْغَةِ عَقْرَبٍ فَلاَ غُسْل.
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ
__________
(1) حديث أم سليم: " إنها سألت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة ترى في منامها. . . ". أخرجه مسلم (1 / 250) بلفظيه.
بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَإِنَّهُ لاَ يَجِبُ الْغُسْل، كَنُزُولِهِ بِمَاءٍ حَارٍّ فَأَحَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَنْزَل، وَكَحَكَّةٍ لِجَرَبٍ بِذَكَرِهِ، أَوْ هَزَّ دَابَّةً لَهُ، فَلاَ غُسْل عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يُحِسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ فَيَسْتَدِيمَ فِيهَا حَتَّى يُمْنِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْل، أَمَّا لَوْ كَانَ الْجَرَبُ بِغَيْرِ ذَكَرِهِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ وُجُوبِ الْغُسْل.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الشَّافِعِيَّةُ الشَّهْوَةَ، وَقَالُوا بِوُجُوبِ الْغُسْل بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مُطْلَقًا (1) .
وَشَرَطَ أَبُو يُوسُفَ الدَّفْقَ أَيْضًا، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ، وَأَثَرُ الْخِلاَفِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ احْتَلَمَ أَوْ نَظَرَ بِشَهْوَةٍ، فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ حَتَّى سَكَنَتْ شَهْوَتُهُ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَأَنْزَل، وَجَبَ الْغُسْل عِنْدَهُمَا لاَ عِنْدَهُ، قَال الْحَصْكَفِيُّ: وَبِقَوْل أَبِي يُوسُفَ يُفْتَى فِي ضَيْفٍ خَافَ رِيبَةً أَوِ اسْتَحْيَا، وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: قَوْل أَبِي يُوسُفَ قِيَاسٌ وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ، وَإِنَّهُ الأَْحْوَطُ فَيَنْبَغِي الإِْفْتَاءُ بِقَوْلِهِ فِي مَوَاضِعِ الضَّرُورَةِ فَقَطْ (2) .
كَمَا اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لإِِيجَابِ الْغُسْل خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنَ الْعُضْوِ - ذَكَرِ الرَّجُل وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ الدَّاخِل
__________
(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 1 / 108، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 127 - 128، والمجموع للنووي 2 / 139، وكشاف القناع 1 / 139.
(2) حاشية ابن عابدين على الدر المختار1 / 108.
الصفحة 196